إلى مدينة المجد النائم
ما زال حبّكِ يا دمشقُ كعهده ... يلهو بقلبي بكرةً وأصيلا
ما كنتُ أعشقُ فيك ترباً جامداً ... أو خضرةً وجداولاً وحقولا
لكنني أهوى الصلاح ببلدةٍ ... خُلق الصلاح بأهلها مجبولا
طابت نسائم فجرها لما طوت ... في صدرها التكبير والتهليلا
أهوى شباباً مؤمناً لا يرتضي ... غير الشريعة منهجاً ودليلا
أهوى المآذن تشرئب إلى السما ... وتردّد التسبيح والتنزيلا
آهٍ دمشق أرى الوجوه تغيرتْ ... والفسق أصبح سائغاً مقبولا
فالصالحية قلَّ فيها صالحٌ ... وعلى الدروب غدا الحياء قتيلا
ومهاجرين الحبُّ قلَّ بسفحها ... من يهجر الأهواء والتضليلا
وبمزة الشماء جيلٌ عابثٌ ... ما ضمَّ قلباً بالهدى موصولا
وبأرض ميدان الشباب مخدّرٌ ... لا يبتغي نحو الجنان وصولا
يا بلدةً أبلى الخريف غصونها ... لم يبلِ جذراً في الثرى وأصولا
أغفت على حلم الهوى لكنها ... ما زال سيف إبائها مصقولا
لا تأمننَّ من الأسود إذا غفت ... فالأسد تغفو في العرين قليلا
ما زال فيها عصبةٌ نبويةٌ ... يغدو المحال بعزمهم معقولا
عفّوا ففاحوا كالورود طهارةً ... ومضوا يجرّون الإباء ذيولا
صدقوا فنور الله في أقوالهم ... يهديك في هذي الحياة سبيلا
فهم البدور إذا الليالي أظلمت ... وهم الشفاء إذا غدوتَ عليلا
إني أرى في الأفق فجراً قادماً ... وأرى الظلام موليّاً مخذولا