cover

عندما يتحدث الكبار

كم ذا جزيت على الكفران عرفانا      وكم جزيت على ما ساء إحسانا

وكم أسوت جراحات الأولى ثملوا        من نزف جرحي أقداحاً وندمانا

لله قلبي نمير كله وســـــنى        أحاله الحب والإيمان غفرانــا

سما بي الحب في علياء جنّتـــه        فكدت أخطئ وجه الأرض أحيانا

هذه أبيات للأستاذ عصام العطار الذي يعرف كل من يعرفه ما لاقاه ويلاقيه من آلام و عذابات وأهوال لأنه اختار أن يكون صادقاً مع ربه ومع نفسه ومع الآخرين

اليوم وإحساساً منه بالخطر الداهم الذي يهدد وطنه يخرج الأستاذ عصام العطار عن  صمته في لقاء نشره الموقع الالكتروني لقناة العربية ليتحدث عما يعتقد أنه الطريق الصحيح لإنقاذ سورية مما يدبَّر لها

يدعو الأستاذ العطار جميع القوى بما فيها النظام إلى التلاقي "لتجاوز الماضي وبناء المستقبل مع عدم نسيان الدروس والعبر " مشدداً على أن " الماضي لا يجب أن يتحكم بالمستقبل وكل القوى بما فيها النظام يجب أن تصل إلى التلاقي الآن

وهو يرفض أن تكون المعارضة السورية أداة لتنفيذ المخططات الخارجية ويرى أن شكل النظام السياسي الذي يمكن أن تحدث المصالحة الوطنية على أساسه هو الديمقراطية، يقول الأستاذ العطار:" الوضع الآن في سوريا والمنطقة خيوطه ليست بيد أحد، و يجب على أي شخص أن ينظر إلى موقفه بحيث  يخدم أمته وبلاده وألا يكون من حيث يريد أو لا يريد أداة لمخططات خارجية لا يرضى عنها الله  ولا الأمة ، وما أتمناه للجميع أن تكون هناك مصالحة وطنية لأنه دون ذلك لا نستطيع أن نصل إلى الحد الأدنى من حماية البلاد ومن تحقيق الإصلاح ، والمصالحة الوطنية تقوم على أساس الديمقراطية

ويرى أن تتكاتف جهود الجميع سلطة ومعارضة من أجل رفع مستوى الحريات وحقوق الإنسان في سورية: " وأتمنى لأبناء البلاد جميعا مع السلطة أن يصلوا لمصالحة وتفاهم يخطو بالبلاد خطوات معقولة في طريق الحريات وحقوق الإنسان

هذا الحديث عن المصالحة والحوار مع السلطة قد يستغربه بعض من يأسوا تماماً من إصلاح النظام السوري وهو يأتي من رجل عانى ما عاناه بسبب خلافه مع النظام ولكنني أعتقد أن الحوار والمصالحة هو الطريق الأسلم لسورية وإن كان هو الطريق الأطول

الذين يرفضون الحوار مع السلطة السورية يستندون في رفضهم هذا إلى أمرين: أولاً، تجربتهم الماضية مع السلطة السورية التي يبدو أنها لا تشعر حتى الآن بالحاجة إلى  الاعتراف بالآخر ومحاورته. وثانياً، خوف هؤلاء من أن تستخدم السلطة المعارضين الذين يرغبون في الحوار معها لتأسيس وضع جديد جوهره التفرد بالسلطة وظاهره التعددية و الديمقراطية. أعتقد أن معطيات الواقع ستدفع السلطة السورية إلى إعادة نظرها فيما يتعلق بالحوار والمصالحة الوطنية وأن وجود يد ممدودة ومستعدة للحوار سيشجع السلطة على ذلك، أما بالنسبة إلى التخوف من استخدام هذا الحوار كديكور خارجي لتزيين الأسلوب الشمولي الذي تحكم به سورية من غير إحداث تغيير حقيقي فأعتقد أنه تخوف مشروع ولكن يجب أن لا يمنع المعارضة من أن تصر على المصالحة وأن تستمر بحشد الدعم والتأييد في صفوف السلطة السورية وفي صفوف الشعب السوري وفي الدول الإقليمية والدول الكبرى لحقيقة مفادها أن  العالم قد تغير وأنه لا يمكن مواجهة التحديات الجديدة باستجابات قديمة وأن جدية المرحلة وخطورتها لا تتحمل أي شكل من أشكال التزييف أو التلاعب وأن المرحلة تتطلب حواراً صادقاً وإصلاحاً سياسياً جذرياً وحقيقياً في سورية وأن أي تجاهل لهذه الحقيقة هو تأجيل للانهيار الكبير الذي لن يشكل خطراً على استقرار سورية ووجودها وحسب بل سيشكل خطراً على أمن المنطقة وأمن العالم بأسره

2007 - الدكتور ياسر تيسير العيتي

Share