التفكير التصميمي (أداة ناعمة لتغيير عميق)
في عام 1991 أُنشئت شركة آيديو لابتكار منتجات ذات طابع إبداعي، ركزت في البداية على التصميم التقليدي التجاري مصمِّمةً منتجات مثل المساعد الرقمي الشخصي، و فرشاة الأسنان أورال ب، وكراسي ستيل كيس وغيرها
بحلول عام 2001 بدأت شركة آيديو تستخدم طريقتها في التصميم لابتكار حلول إدارية وتنظيمية للمؤسسات كإعادة الهيكلة أو فهم أفضل للزبائن أو إيجاد بيئة تعليمية أفضل في المدارس، ثم بدأت الشركة باستخدام هذه الطريقة في إيجاد حلول للتحديات الاجتماعية كإيجاد فرص العمل أو محو الأمية أوتخفيض نسبة الجريمة وهكذا.
ما هو التفكير التصميمي؟
يعتمد التفكير التصميمي على ستة مراحل
- تعريف التحدي: الذي نريد تصميم استجابة أو حل مناسب له، تعريف التحدي أحياناً لا يكون بالسهولة المتوقعة، لكنه الخطوة الأولى نحو ابتكار الحل
- الاكتشاف: حيث يقوم فريق عمل التفكير التصميمي ببحوث ميدانية تستكشف كل ما له علاقة بالتحدي. عملية الاكتشاف هنا لا تأخذ الطابع التقليدي المعتمد على الاستبيانات، وإنما تعتمد على المقابلات الشخصية والملاحظة الدقيقة للأشخاص والبيئة المحيطة
- التفسير: في هذه المرحلة يتم تفسير المعطيات التي تم الوصول إليها في مرحلة الاكتشاف. غالباً ما تسفر عملية التفسير عن اكتشاف أفكار أكثر عمقاً تفسر طبيعة التحدي، وقد تعيد تعريفه بشكل كامل، مرحلة التفسير يجب أن تنتهي بصياغة أسئلة العصف الذهني التي ستعتمد عليها المرحلة الرابعة، هذه الأسئلة تبدأ بعبارة (كيف يمكننا أن
- التصور: بعد توليد أكبر عدد من الإجابات على أسئلة العصف الذهني يتم اختيار أفضل الإجابات وتصميم نموذج أولي للحل بناء عليها
- التجريب: وهنا يتم تطبيق الحل الأولي وملاحظة استجابة الناس له، وإجراء التعديلات اللازمة، تنتهي هذه المرحلة بابتكار الحل النهائي.
- التطوير والتعميم: في أثناء تطبيق الحل النهائي تظل هناك فرصة لتطويره بشكل مستمر بناء على ملاحظات المستخدمين، وفي هذه المرحلة أيضاً يتم التخطيط لتعميم الحل على أكبر شريحة من المستفيدين، مثلاً إذا كان الحل يعالج تحدي تحفيز الطلاب في أثناء الحصة المدرسية، يتم تعميمه على باقي المدرسين في المدرسة ثم على باقي المدارس على الصعيد الوطنيالتركيز على الإنسان أهم ما يتميز به التفكير التصميمي هو أنه يرتكز على الإنسان، ويجعل تلبية حاجات الإنسان ورصد استجاباته ومراعاتها في لب عملية التصميم في كل مراحلها من الاكتشاف إلى التفسير إلى التصور إلى التجريب طبقتُ التفكير التصميمي مع مجموعة من الإخوة والأخوات لإيجاد حلول لبعض التحديات التي تواجهها مدارس السوريين في استنبول وخلصنا إلى أن هذه المنهجية في التعامل مع التحديات لا تعطينا فرصاً أفضل لإيجاد الحلول وحسب بل تؤسس لثقافة جديدة نحن السوريون أحوج ما نكون إليها في هذه المرحلة، ألخص ملامح هذه الثقافة بما يلي
- الإنسان هو الأساس في عملية التغيير. معظم الحلول النظرية تفشل لأنها لا تأخذ عامل الإنسان بما يكفي من الجدية، تبين مثلاً أن المعيق الرئيسي لإعادة تنظيم أثاث المدرسة بما يعطي مساحة أوسع هو مواقف المعنيين من أساتذة وإداريين من التنظيم الجديد، اكتشاف هذه المواقف ومعالجتها جزء أساسي من الحل
- المشاكل على السطح ما هي إلا تجليات لأسباب أعمق. في أثناء مرحلتي الاكتشاف والتفسير نجد أن التحدي الذي سميناه أول مرة له أسباب أعمق وربما نعيد تعريف التحدي كلية
- معيار نجاح الفكرة قابليتها للتطبيق. فالتفكير هنا لا يحلق في آفاق التنظير إلا لفترة قصيرة بما يكفي ليرى الصورة كاملة، ثم ينزل سريعاً إلى أرض الواقع ليصمم الحل العملي ويطبقه ويعاين استجابة الناس له
- على الناس أن يتحملوا مسؤولية تحسين ظروفهم. فنحن عندما نقابل الناس في مرحلة الاكتشاف، ونقابلهم مرة أخرى في مرحلة التجريب لنعرف رأيهم في الحل الأولي، نغرس فيهم فكرة التعبير عن حاجاتهم ومشاعرهم والمشاركة في التغيير سواء في مرحلة تشخيص المشكلة أو علاجها
- لا توجد حلول كاملة من أول مرة. اعتدنا في مجتمعنا على طلب الكمال ورفض الحلول لمجرد احتمال وجود عيوب فيها، منهجية التفكير التصميمي تعتمد على التجربة لتطوير الحل
- تعزيز العمل الجماعي وروح الفريق. يعتمد التفكير التصميمي على عمل الفريق، ويمارس المشاركون فيه أدواراً متكاملة، مما يجعله فرصة للتدرب على العمل الجماعي، ولمس الأثر العظيم للإنصات إلى الأفكار الجديدة والتعاون والتكامل بين أشخاص مختلفين
- تعزيز التفاؤل. فالتحديات التي تبدو لأول وهلة عصية على الحل، يتبين بدراستها وفهمها واستخدام العصف الذهني والإبداع الجماعي أن لها الكثير من الحلوليغرس التفكير التصميمي المعاني السابقة في النفوس بشكل عملي وبعيداً عن الوعظ أو التنظير، ويتم تطبيق المراحل الست السابقة من خلال أوراق عمل تفصيلية تأخذ المشاركين فيها خطوة خطوة إلى التصميم النهائي. في ظروفنا الحالية المليئة بتحديات كثيرة وغير مسبوقة نحتاج نحن السوريون إلى منهجية التفكير التصميمي لمواجهة هذه التحديات باستجابات مبتكرة