بين الصمت والتأييد
ثورتنا ثورة حق وعدالة .. قامت ضد الظلم والحيف الذي ينهش مجتمعنا وبلادنا منذ أكثر من أربعة عقود استولى فيها النظام على الحكم بقوة السلاح وحرم الشعب حقوقه الإنسانية الأساسية. قد يستغرب البعض كيف نخاطب الموالين للنظام؟ أليسوا أعداء لنا يجب ألا نتوجه إليهم إلا بلغة التهديد والوعيد!؟
لا تستغربوا أيها الإخوة .. فلسنا طلاب قتل أو قتال .. ولا هواة حرب أو دماء .. نحن قوم خرجنا بصدورنا العارية مطالبين بحريتنا وكرامتنا .. وتحملنا بطش النظام وقسوته شهوراً طويلة .. دون أن يفكر أحد منا بحمل السلاح .. لكن جيشنا الذي خذلنا وانحاز إلى جانب قاتلنا بدل أن ينحاز إلى جانبنا، والعالم الذي وقف متفرجاً على النظام وأخذ يعطيه المهلة تلو المهلة وهو يذبحنا، كل ذلك دفع شرفاءنا وأحرارنا من أبطال الجيش الحر إلى حمل السلاح ليدفعوا عنا القتل والإجرام والاغتصاب
يا أبناء جيشنا السوري .. هذا الجيش الذي بنيناه عبر العقود بأموال ضرائبنا، ورفدناه بزينة أبنائنا، لنحرر به جولاننا، وليدافع عنا إذا اعتُدي علينا.. كيف أصبحتم يا أبناءنا أداة في يد السفاح، وكيف سولت لكم أنفسكم أن تصمتوا على قصف مدنكم وقراكم بالمدافع والصواريخ والطائرات، بل أن تشاركوا في ذلك!؟ ألا ترون بأعينكم أن العصابات المسلحة التي يزعم النظام أنكم تحاربونها هم رجال أمن النظام وعصاباته وشبيحته الذي يتخذونكم مطية لاقتحام المدن والقرى والعيث فيها فساداً وخراباً لا من أجل الوطن ولا من أجل القضية كما يوهمونكم، بل من أجل طاغية مستبد جعلوا منه إلهاً يقتلون كل من كفر به؟
يا أبناء الطائفة العلوية .. يا من غرر بكم النظام لتكونوا وقوداً في حرب خاسرة لا مستقبل لكم فيها .. لقد خرج المارد من قمقمه .. وداس الشعب على خوفه .. لم تعد السجون تخيفنا .. ولا الموت يرهبنا .. وأصبحت الحياة الكريمة هي خيارنا الوحيد لا نرضى عنها بديلاً غير الشهادة والخلود .. لا يوهمنكم النظام أن سلاحه سيحميكم، فالسلاح لم يعد في أيديكم فقط، وشتان بين يحمل السلاح ليعتدي ويقتل ويغتصب، ومن يحمله ليدافع عن نفسه وعرضه ويطالب بحريته وكرامته، هذا الوطن لنا جميعاً، لا مكان فيه لغالب ومغلوب، دماؤنا وأعراضنا ليست بالهينة علينا أبداً ويد العدالة والقصاص طويلة جداً ستنال كل من قتل ودمر واغتصب، ومصارع الطغاة الظالمين تشاهدونها بأم أعينكم، ولكم في القذافي وبن علي ومبارك عبرة لمن يعتبر، فلا تلقوا بأنفسكم إلى التهلكة ولا يأخذنكم الطاغية معه إلى نهايته المظلمة، فالطغاة لا يفكرون إلا بأنفسهم، وهم في أيامهم الأخيرة، يعيشون وهم الانتصار وينفصلون عن الواقع ويخطئون الحسابات، ألا ترون بشار يسير في هذا الاتجاه ويرتكب خطأ من سبقه؟
أيها الموالون للنظام في أي موقع كنتم .. منذ الشهور الأولى والنظام يكذب عليكم، ويقول لكم (خلصت) .. والثورة تزداد انتشاراً وتجذراً .. والنظام لا يستطيع السيطرة على المدن والقرى إلا بالدبابة والمدفع .. بل الناس يخرجون من تحت أنقاض منازلهم المدمرة، ومن بين مدافع الدبابات ليتظاهروا ويحتفلوا بعرس الحرية القادمة رغم أنف هذا النظام المتخلف القابع في ظلام العصور الوسطى الذي تجاوزته البشرية وتجاوزه التاريخ وتجاوزه وعي شعبنا العظيم .. أيها الموالون: أسلحة روسيا وإيران ودعم هذه المجموعة أو تلك من وراء الحدود لن يحميكم من المصير الأسود الذي ينتظر النظام والذي يريد أن يأخذكم معه إليه، بل إن أسلحة العالم كله لن تحميكم من ثورة هذا الشعب واقرؤوا التاريخ جيداً .. أمريكا بكل قوتها لم تستطع هزيمة الشعب الفيتنامي .. والاتحاد السوفيتي بكل جبروته لم يستطع هزيمة الشعب الأفغاني .. وما يرتكبه النظام من فظائع وانتهاكات ومجازر أكبر مما كان يرتكبه الأمريكان والسوفييت في البلاد التي احتلوها، والشعب السوري ليس أقل بطولة وعظمة من الشعبين الفيتنامي والأفغاني وقوتكم العسكرية ليست أشد بأساً من قوة أمريكا والاتحاد السوفيتي عندما كان في أوج عظمته .. أيها الموالون: أنتم لا تواجهون أحزاباً معارضة أو مجموعات مسلحة، أنتم تواجهون شعباً استيقظ من رقاد أربعة عقود وقرر استعادة حريته وكرامته ولن يقف في طريقه أحد فإرادة الشعوب من إرادة الله التي لا تُقهر .. أيها الموالون سفينة النظام غارقة .. غارقة .. فاقفزوا منها اليوم قبل الغد .. فقد يدرككم الغرق في أي لحظة
2/6/2012