cover

خواطر 2015-1

رأيي صواب يحتمل الخطأ) لا يعني أني لا أعرف إن كان رأيي صحيحاً أو خاطئاً، فهذا ليس برأي! بل (لا أدرية) عبثية لا توصل إلى قرار وكسل عقلي يختبيء خلف الموضوعية

رأيي صواب يحتمل الخطأ) يعني أنني أعتقد أن رأيي هو الصواب بعد أن بذلت الوسع في تحري الصواب بالحجة، ومستعد للتراجع عنه إن تبين لي  خطأه .. بالحجة أيضاً


الاستبداد في منطقتنا ليس النظام الذي يمطرنا بالنار والموت وحسب، إنه منظومة متكاملة تتكاتف فيها جيوش مهمتها ترويض الشعوب لا تحرير الأوطان، وحكام قساة سفك الدم عندهم كشربة ماء، وأجهزة إعلام تنشر الخنوثة والميوعة في الجيل لكي تخدّره الشهوات فلا يؤلمه ذلّ ولا يتوق إلى كرامة ولا يسعى إلى مجد، وفكر ديني منحرف يضيف جرعة أخرى من التخدير إذ يجعل القبول بحكم الظالمين طاعة يتقرب بها المؤمن إلى ربه، وأموال لا تأكلها النيران هي ملك للشعوب استأثرت بها فئة قليلة واستخدمتها لتمويل كل ما سبقمن جيوش وحكام وإعلام، ودول غربية ظاهرها الحرية والديمقراطية وباطنها استعمار المنطقة ووأد نهضتها الحضارية، يساعد هذه المنظومة عللٌ أخلاقية وحضارية تمكنت من نفوسنا من أثرة وأنانية وكبر وتفرق واختلاف، هذه المنظومة لن يفككها إلا رجال ونساء أدركوا أنها منظومة واحدة تتوزع مكوناتُها الأدوارَ والمهامَ لغاية واحدة هي قهر إنسان هذه المنطقة وتركيعه، هذه المنظومة لن يفككها إلا رجال ونساء أدركوا قيمتهم وإنسانيتهم وأقسموا ألا يتخلوا عن كرامتهم التي منحهم الله إياها، وأن يبعثوا في أنفسهم وأمتهم روح الحق والعدل والتضحية والفداء، رجال ونساء لهم هممٌ تزاحم السماء، وإيمانٌ بربهم وبأنفسهم وبدينهم وبعدالة قضيتهم هو كالجبال في شموخه ورسوخه، هؤلاء الرجال والنساء موجودون برغم أنوف المتكبرين واليائسين والمشككين، موجودون لأن وجودهم هو كلمة الله في الأرض وهو بذرة وعده بنصر المؤمنين، موجودون وماضون في طريقهم لا يضرهم من خذلهم


ليست مهمة القائد ان يأتي بالأفكار الرائعة دائماً، وليس شرطاً لنجاحه أن يكون أقدر من غيره على الإبداع، فقد يوجد في فريقه من هو أكثر منه إبداعاً ومهارة في مجال تخصصه. القائد الحقيقي هو الذي يوجد البيئة المناسبة التي تشجع الآخرين على الإبداع والتي تجد فيها أفكارُهم الرائعة ومبادراتُهم الخلّاقة طريقَها إلى التنفيذ. كم من أفكار خلّاقة وئدت، وفرص رائعة ضُيعت، لأن من يقود يستمد شعوره بالأمان من تفوقه على الآخرين، لا من قدرته على تمكينهم من التفوق


التعجل في اللجوء إلى التصويت في القضايا الخلافية التي تواجه فريق العمل قد يؤدي إلى قرار توافق عليه الأغلبية لكنه يحرم الفريق من فرصة الوصول إلى قرار أفضل من خلال بذل المزيد من الجهد في البحث عن بديل يرضي الجميع، ويحرمه أيضاً من فرصة زيادة الثقة بين أعضاء الفريق من خلال الانصات المتبادل إلى وجهات النظر المحتلفة، التصويت هو طريقة لاتخاذ القرار إذا تعذر التوافق وليس طريقة للهروب من الجهد الذي يتطلبه النقاش الجاد والانصات والتفهم المتبادل وإبداع الحلول


 يا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ (المجادلة 11) أن تفسح المكان للآخرين الذين يعملون في مجالك يؤدي إلى اتساع المجال بأسره. ينطبق ذلك على المؤسسات الربحية حيث يؤدي التشارك إلى زيادة أرباح المتشاركين، وعلى المؤسسات غير الربحية حيث يؤدي التشارك إلى مضاعفة الخدمات التي يقدمها المتشاركون للشريحة المستهدفة وبالتالي مزيداً من تحقيق الرسالة المشتركة. عندما تغيب هذه المعاني عن النفوس يحل التنافس المرضي وسرقة الإنجازات والخوف من نجاح الآخرين بدل التشارك والاعتراف بالفضل لأهله ومساعدة الآخرين على النجاح، الإيمان ما وقر في القلب وصدقه العمل


عندما لا (يسهو) الإنسان عن صلاته يستمد منها القوة اللازمة للاستقامة الأخلاقية التي هي المصدر الأساسي لتقدير الذات. الإنسان الذي يستمد شعوره بالأمن من داخله أي من تقديره لذاته لا من الخارج أي من رضى الآخرين عنه لا (يرائي) أحداً، ولأنه لا يستمد شعوره بالأمن من الخارج أي من مقارتنه بالآخرين لا يعتبر نجاحهم تهديداً له فيساعدهم على النجاح بتقديم (الماعون) لهم أي مشاركتهم في الخبرة والمعرفة والموارد (فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ، الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ، الَّذِينَ هُمْ يُرَاؤُونَ، وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ) صدق الله العظيم


في بداية حياتي الطبية شاهدت مريضاً تفحمت قدمه بنار المدفأة دون أن يشعر بها لأنه مصاب باعتلال الأعصاب السكري، وقر في نفسي منذ ذلك اليوم أنه لولا الألم لاستحالت الحياة، وبدأت رحلة التعلم من الأوجاع


في نفوس الناس استعدادات متساوية للشر والخير، للانحطاط والسمو، للكراهية والحب، ولولا هذا التساوي في الاستعدادات لكان الخالق ظالماً حاشاه. الحياة ليست وردية ولا يجوز إغفال الجانب المظلم في نفوس الناس (لست بالخب ولا الخب يخدعني) لكن التركيز عليه في نظرتنا إلى الآخرين يجعل علاقاتنا ثقباً أسود يبتلع بحوراً من النور ويضيع ألوف الفرص. كم من شخص كرّهنا بأنفسنا وآخر حببنا بها لأن الأول كفر بإمكانياتنا والآخر آمن بها. ما نؤمن بوجوده في الآخرين ونركز على إطلاقه في تعاملنا معهم هو ما يصنع الفرق في نفوسهم ونفوسنا أيضاً (قد أفلح من زكاها، وقد خاب من دساها) بالنسبة لي هذا ليس له علاقة بتفاؤل أو تشاؤم، هو حقيقة من حقائق الحياة لا أتحدث عنها وحسب وإنما أعيشها يوماً بيوم


الحصيلة الكلية لما نحن عليه أقل بكثير مما يمكن أن نكونه، وسعي المخلصين لا يتوقف نحو إيجاد الأطر التي تجمع الجهود وتوجهها. ما نمر به اليوم اجتاح أمماً غيرنا عبر التاريخ وما من مجموعة بشرية بلغت مجدها عبر الدروب السهلة. الطريق الأقصر للنجاة هو الاستفادة من تجاربنا الناجحة للبناء عليها والفاشلة لاستخلاص الدروس منها وتعلم سنن النجاح والعمل بمقتضاها والإيمان بالله وبما أودعه في نفوسنا من خير وانشغال كل واحد منا بما يقع ومن يقع في دائرة مسؤوليته وتأثيره بدل الانشغال بلوم الظروف وتقريع الآخرين .. المرحلة لا تحتمل ترف التحليق في سماء الأحلام ولا ترف التمرغ في تراب اليأس


من الضروري أن يكون للمرء رسالة في الحياة نابعة من تقاطع موهبته مع حماسه ونداء ضميره وحاجات أمته، لكن الحياة تعلمنا ألا أحد يستطيع التنبوء تماماً بما تحمله الأيام من فرص وبما تضعه في الطريق من عقبات، وأن الخرائط في أذهاننا تتغير باستمرار وتكشف لنا أموراً لم تكن في مدى أبصارنا وبصائرنا. المستقبل مجهول والعالم متغير ومرساة الأمان الوحيدة في هذا الخضم الهائج هي قيام الإنسان بصدق وإخلاص وصبر ومثابرة بالواجبات التي تمليها لحظته الحاضرة فهذا ما يصقل عنده الخبرة ويراكم لديه المعرفة ويشعل في قلبه الحماسة التي تزيد قدرته على اقتناص الفرص وتجاوز العقبات المستقبلية التي لم تخطر بباله يوماً (وأن ليس للإنسان إلا ما سعى وأن سعيه سوف ُيرى) الرسالة في حياة هي البوصلة فقط، أما الطريق فتصنعه قدمان رشيقتان وقلب واثق بربه وعقل مرن منفتح


البعض يجعل الغربة فرصة لنفض العفن عن الجذور ومد الأغصان لتشرب النور حيث وجد النور فتخضر الأوراق وتونع الثمار لتضيف إلى المجتمع الذي تعيش فيه دون أن تفقد لونها وطعمها ورائحتها، والبعض يجعل الغربة مقصاً لقطع الجذور فتيبس الأغصان وتذوي الأوراق وتنعدم المساهمة وتموت الروح


يجب أن يضع الإنسان خططاً وقواعد لحياته وأن يذكر نفسه بها من حين إلى آخر وخصوصاً عندما يتعلق الأمر بالتزامات جديدة لم يعتد عليها. ولكن عندما يقضي الإنسان معظم وقته في وضع الخطط والقواعد وتمريرها على شاشة العقل دون عمل، فهذا يعني هروب من كلفة التطبيق إلى أحلام اليقظة. التخطيط ووضع القواعد مطلوب لكن المبالغة في ذلك يفقد الحياة عفويتها وانطلاقها. لا شيء يعلم الإنسان أكثر من الفعل، ولا شيء يدفعه إلى الأمام أكثر من التجربة ذاتها وما تخلقه في نفسه من مشاعر وأفكار متجددة لن يتعرف عليها ما دام على ضفاف التنظير يداعب نفسه بالآمال والأفكار الباردة، بدل أن يلقي بها في لجّة العمل مجدّفاً وسط التحديات الحقيقية حيث الحماس والتعلم والنمو


أن يأتمر بنا الأعداء أمر طبيعي ولولاه لما كانوا أعداء، وجود منظمات سرية ذات أهداف سرية ثابت أيضاً في الواقع والتاريخ، أن تحوك أجهزة المخابرات العالمية أحداثاُ لتبرير سياسات معينة فهذا جزء من عملها. من الفطنة استحضار هذا دائماً، لكن من البديهي أن نستحضر أيضاً أنه لا يمكن لجهة مخلوقة مهما بلغت من القوة أن تتحكم في سير التاريخ وصناعة كل الأحداث، وأن كثيراً من الأحداث التي تباغت الأعداء وتقع خارج حساباتهم تتم دراستها فوراً ووضع استراتيجيات جديدة للاستفادة منها، فيخيل للبعض أن هذه الأحداث هي صنيعة الجهات المتآمرة بحجة أنهم استفادوا منها! هذا هو المحذور الذي يقع فيه من يبالغون في نسبة الأحداث إلى (المؤامرة)، وهي نظرة تحرمنا من فرصة إدراك حقيقة مكرهم ومواجهته بمكر مناسب، وتلقي في روعنا وهم أن لأعدائنا قوة وتدبيراً لا قبل لنا به


في مثل هذا اليوم 17 – 2- 2011 سمعنا لأول مرة (الشعب السوري ما بينذل). يقول أحدهم انظروا إلى الذل الذي وصل إليه السوريون بسبب ثورتهم بين محاصر وجريح ومعتقل وشريد. لو قامت هذه الثورة قبل ثلاثين عاماً لكانت كلفتها أقل بكثير ولو تأخرت عشرة أعوام لكانت كلفتها أكثر بكثير، وما كان لها إلا أن تقوم، لأن الله فطر الناس على طلب الحياة الكريمة ورفض الذل مهما طال عليهم الأمد. الشعب السوري لا يُذل اليوم وإنما يضحي ويدفع ثمن خلع رداء الذل مرة واحدة وإلى الأبد بإذن الله. منحنا الله حق الحياة الكريمة بمجرد الولادة وبلا ثمن (ولقد كرما بني آدم)، ولما ارتضينا أن يفترس الطغاة كرامتنا عبر عقود من الخنوع، أصبح انتزاعها من بين أنيابهم مكلفاً


(تُثِيرُ الأَرْضَ وَلاَ تَسْقِي الْحَرْثَ) البقرة 71. أي تنبش الأرض وترفع ذراتها إلى النور لتفنى تحت النور كل عشبة ضارة وتنمو كل بذرة تحمل الخير. وهكذا أفهم الدين إذ يثير أرض العقول والقلوب، هو سعي دائم نحو النور، نور المعرفة الذي لا تحتمله جرثومة الجهل، المعرفة بالذات والمعرفة بالآخر، هو صراع دائم بين نور التوحيد وظلمة الوثن، كل وثن يريدنا أن نحني له الرأس شهوةَ كان أم طاغوتاً بشراً .. الدين ثورة


لا تقل: سورية تنهار .. (سورية الأسد) هي التي تنهار لأن مصير الباطل الانهيار. سورية الجديدة لم تبنَ بعد، نحن من يبنيها بعون الله، من يعرف همة الرجال والنساء في المناطق المحاصرة في أقسى الظروف يدرك أنني لا أبالغ بالأمل، بشروا ولا تنفروا، إن مع العسر يسرا .. إن مع العسر يسرا


اللهم ارزقنا شغف الأطفال وعزيمة الشباب وحكمة الكهول وإيمان العجائز


أخبرتني التجربة أن معظم الحلول الفاشلة سببها الخطأ في تعريف المشكلة


توخي الكمال في الحلول يطيل مكوثنا في دائرة المشكلة. ما من حل يولد كاملاً، والتجربة هي أقصر الطريق لتطوير الحل والاقتراب به من الكمال. طبعاً بعد إعطاء المرحلة النظرية حقها من درس المشكلة وتوليد الخيارات واختيار أفضلها


الموهبة المعطَّلة تتحول إلى ألمٍ روحي دفين يعبّر عن نفسه على شكل إحباط، وكلما كانت الموهبة المعطَّلة أكبر كان الألم والإحباط أشدّ. الإحباط لا يُعالج بكلماتٍ تحضُّ على الأمل، وإنما بعملٍ يفعِّل الموهبة


صور الأحباء الذين استُشهدوا تحت التعذيب تذهب إلى هناك، إلى أعماق وجداننا، تحفر في عقلنا الباطن، تعيد تشكيل مورثاتنا، لنولد من جديد رافضين في المستقبل لأي ظالم يشبه الظالم الذي قتلهم، أراد الله أن يستمر عطاؤهم حتى بعد موتهم

Share