cover

خواطر 2015-3

أمام أسئلة مثل: أين العالم وأين العرب وأين المسلمون من مأساتنا نحن السوريين؟ قفزت إلى عقلي أسئلة أخرى مثل هل أقوم بواجبي كما يجب على الثغرة التي أنا عليها؟ هل أصارح وأنصح عندما أرى خطأً يتخلل العمل الذي أنا جزء منه عملاً بقوله تعالى (وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر)؟ هل أعترف بخطئي وأبادر إلى إصلاحه عندما ينصحني الآخرون؟ هل أقدم المصلحة العامة على مصلحة شخصي أو مؤسستي أو جماعتي عندما تتعارض المصلحتين؟ هل أبذل ما يكفي من الوقت لتطوير شخصيتي ومهاراتي؟ هل أبحث كما يجب وبصدق وإصرار مع من يشاركني مجال اهتمامي من أفراد ومؤسسات عن طرق التعاون والتكاتف لإنجاز الغايات المشتركة؟ هل أبذل كل ما أستطيعه من جهد وصبر لمساعدة من حولي على النهوض وتدارك عثراتهم واكتشاف طاقاتهم واستثمارها؟ استبيان بسيط نكتشف فيه أننا كجماعة لم نستوفي أسباب النصر حتى الآن، وأننا بحاجة إلى التوقف عن الاكتفاء بلوم العالم وتركيز جهودنا أكثر على أنفسنا وعلى من يقع وما يقع في دائرة تأثيرنا


 لم يرسل الطعام إلى الرسول وأصحابه في حصارهم الذين أكلوا فيه ورق الشجر ولم يأخذ بصاعقة قاتل سمية قبل أن يغمد رمحه في جسدها ولم يرفع الحجر عن صدر بلال وهو يعذب في صحراء مكة حتى الرسول لم يمنع عنه أن تُكسر ثنيتاه ويُجرح وجهُه ثم انجلى الغم وفُتحت الأرضُ وأذن بلال في دمشق نؤمن بعدلك ورحمتك وحكمتك يارب (لاَ يُكَلِّفُ الله نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَآ أَنتَ مَوْلاَنَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ) البقرة 286


لو فتحت الدول الغربية أبواب الهجرة إليها قبل الثورة، لامتلأت شوارع السفارات في دمشق بطوابير المهاجرين، لم تكن أوطاناً تلك التي نبكيها اليوم


عندما كان الخطباء يداهنون الطاغية كان البعض يقولون: لا يوجد خطيب شجاع، فإذا نطق خطيبٌ بالحق، قالوا: لا بد أنه أخذ من النظام الضوء الأخضر اليوم تبحث مشاريع الخير عن ممولين فلا تجد ما يكفيها فيقول البعض: أغنياؤنا لا خير فيهم، فإذا جاد غنيٌّ بماله قالوا: لا بد أنه يفعل ذلك لمصلحة يخفيها هؤلاء (البعض) لا يتخيلون وجود خير في هذه الأمة، لا يتخيلون وجود شجاع أو جواد، لا يتقدمون ولا يريدون للآخرين أن يتقدموا، أسفي عليهم هم (أهلكُ الناس) كما وصفهم الرسول صلى الله عليه وسلم


تصبح المجتمعات عصية على الاستبداد بمقدار ما تفرز من منظمات أهلية تعتمد على القوى الذاتية لهذه المجتمعات في استخراج كوامنها وإدارة شؤونها وحل مشكلاتها وتمنع تغوّل الدولة عليها مئات المنظمات الأهلية التعليمية والإغاثية والطبية والخدمية تعمل اليوم لدعم صمود أهلنا في الداخل وهي تعتمد على أفراد مستقلين وجماعات متنوعة يحرك الكثيرون منهم الشعور بالواجب تجاه أبناء وطنهم، هؤلاء لا تتحكم بهم جهة واحدة مما يجعل التضييق على هذه المنظمات ممكناً لكن خنقها مستحيل ما زال الطريق إلى الدولة المركزية في سورية طويلاً لكن ما انتزعته المجتمعات المحلية من استقلالية بمبادرة أبنائها وسط الدم والألم لن تتخلى عنه لدولة على شاكلة دولة البعث بعد اليوم وكفى بذلك إنجازاً


ترتفع إلى فوق فترى الصورة كاملة بإيجابياتها وسلبياتها، تنزل إلى تحت فتتفهم ظروف الناس بتعقيداتها وتناقضاتها. طوبى لمن يقطع الرحلة باستمرار بين فوق وتحت، فيكشف للناس ما لا يرونه بلغة المتفهم لظروفهم ، فيسمعون ويعون


من يعبرون عن وجهة نظرهم المختلفة عنك فيناقشون ويجادلون لكنهم يؤمنون بحكمة المجموعة في نهاية المطاف ويلتزمون بقرارها عند التنفيذ، عليهم فاحرص. وحذار من المصفقين المطبلين، من بينهم لا يمكن أن تولد فكرة رائعة


لو أمضى أردوغان الخمسة عشرة سنة الماضية في انتقاد معلّمه أربكان لسطّر مجلدات مليئة بالحجج لكنها ما كانت لتغير من الواقع شيئاً عندما يرتطم رأسك بالسقف غادِرْ .. وشيّد بناءً آخر


يا من خرجتم من رحم هذه الثورة واختاركم الله لتكونوا في مواقع شتى في خدمة الناس، أدخلوا روح الثورة في أعمالكم كي تتمكنوا من الاستمرار. من روح الثورة الإيمان بأن من يعملون معكم لهم الحق في أن يكون لهم رأي فلا تتجاوزوا آراءهم وكراماتهم، من روح الثورة الايمان بما أودعه الله في الناس من إمكانيات فلا تستصغروا الآخرين وتستهينوا بقدراتهم، من روح الثورة أن كثيراً من العقبات هي أوهام في الرؤوس وإن عشعشت فيها لعشرات الأعوام وأن الإرادة لا تهزمها إلا إرادة أقوى منها، من روح الثورة احترامهذا الشعب والإيمان بأنه يستحق حياة أفضل ويستطيع نيلها، من روح الثورة تحمل المسؤولية والابتعاد عن دور الضحية، من روح الثورة التمرد على الواقع السيء وعدم الاستكانة للعقبات والإبداع في اجتراح الحلول،هذه هي الروح التي أخرجتنا من قمقم صُمِّم لنبقى فيه إلى الأبد، هذه هي الروح التي زلزلت عرشاً دعمه كل طغاة الأرض ظناً منهم أنه وجد ليبقى. ثورتنا لم تنته وما زال الطريق أمامنا طويلاً، فاستصحبوا روح الثورة كي تستمروا في السير، كرمى لأرواح الشهداء ووفاء لتضحياتهم


لم يعد كافياً أن تكون من أهل مكة لتكون أدرى بشعابها، فتقنيات اليوم تلتقط من الفضاء على سطح الأرض وفي باطنها من التفاصيل ما لا يعرفه أهل المنطقة أنفسهم، وأجهزة الاستخبارات تجمع من المعلومات وتحلل منها ما يمكّنها من معرفة ما لا يعرفه القوم عن أنفسهم. هذا الكلام ليس للتقليل من شأننا ولا لتعظيم شأن الآخرين، وإنما لتلمس أسباب النصر بطرق العصر وأدواته، نعم أهل مكة أدرى بشعابها عندما يتساوون مع غيرهم في المعرفة والقدرة أما قبل ذلك فالأكثر معرفة وقدرة هو أدرى بالشعاب كائناً من كان


طالما أننا لا نرغم أنفسنا على تجاوز خلافاتنا الصغيرة، سيكون هناك دائماً من يرغمنا جميعاً على تجاوز قضايانا الكبيرة


في يوم مولده لنا أن نتذكر صفاته لنعبر عن حبنا له باقتدائنا به كان صلى الله عليه وسلم مبادراً سباقاً، ففي السيرة أن صوتاً سُمع في المدينة فخرج الصحابة ليتبينوا مصدر الصوت فوجدوا الرسول عائداً يطمئنهم. كان سبّاقاً يفعل ولا ينتظر الآخرين أن يفعلوا. سُدت السبل في وجهه، فقصد الطائف، رماه أهلها بالحجارة فهاجر إلى المدينة، لم يكن لوّاماً للأشخاص أوالظروف من حوله، ولم يلعب دور الضحية قط، بل كان مبادراً يتحمل مسؤولية التغيير، ويبدل في الوسائل حتى يصل إلى غايته ما أحوجنا إلى هذه الصفة المحمدية بالذات في ظروفنا هذه، صلى الله عليك وسلم

Share