أيها الحياديون فكرا لتنقذوا أنفسكم وتنقذوا البلد

هناك مؤامرة لتقسيم سورية .. لا نريد تدخلاً خارجياً .. نريد حقن الدماء .. نخشى من الاقتتال الطائفي .. لا نعرف من وراء هذه الثورة .. هي ثورة ليس لها قيادة .. هي ثورة جهلة وعاطلين عن العمل .. مبررات يعتمد عليها البعض لتفسير موقفهم السلبي من الثورة .. وأنا أريد الآن أن أطرح عليهم مجموعة من الأسئلة تاركاً لهم التفكير فيها ملياً والإجابة عليها بصدق بما يمليه عليهم احترامهم لأنفسهم ولضمائرهم ولنعمة العقل التي حباهم الله بها

بالنسبة لتقسيم سورية والاقتتال الطائفي

هل يمكن أن يحدث التقسيم على الأرض إذا لم يحدث في قلوب الناس وعقولهم؟ من الذي عمل بسلوكه وبشكل مقصود وممنهج على زرع الفرقة والحقد والشك بين الطوائف في قلوب وعقول السوريين  خلال العقود الماضية؟ هل عرفت سورية خلال تاريخها الطويل حروباً أهليةً وصراعاً طائفياً انتهى بمجيء النظام، لنقول أن سورية ستعود إلى الصراع بعد زوال النظام؟ هل يوجد ما يفرّق السوريين ويبعث الفرقة والخلاف بينهم أكثر من أن تشعر طائفة أنها مظلومة ومعتدى عليها من قبل طائفة أخرى؟

وهل يوجد ما يوحد السوريين ويؤلف بين قلوبهم ويزيل أسباب الصراع فيما بينهم أكثر من أن يعيشوا جميعاً في دولة العدل والقانون التي تساوي بينهم في الحقوق والواجبات؟ وهل يؤمّل الوصول إلى هذه الدولة في ظل النظام الحالي الذي يدمر المدن والقرى المعارضة له على رؤوس ساكنيها بالدبابات والطائرات؟؟

وبالنسبة للتدخل الخارجي 

هل وجدتم أي استجابة حقيقية من قبل النظام لمطالب الشعب منذ بدء الثورة وحتى الآن؟ ألا ترون أن استجابة النظام لمطالب الشعب هي التي ستحمي البلاد من التدخل الخارجي؟ أليس ما يشجع النظام على عدم الاستجابة لمطالب الشعب وعدم تقديم أي تنازلات هو الكتلة الكبيرة الصامتة وخصوصاً في دمشق وحلب؟

ألا ترون أن هذه الكتلة إذا حزمت أمرها واتخذت موقفاً واضحاً إلى جانب الثورة فإنها تستطيع أن تعبر عن موقفها هذا بإضراب ليوم واحد فقط في دمشق  وحلب يكفي لتوجيه رسالة إلى النظام تدفعه إلى إعادة كل حساباته، وأن هذا سيشجع الأطراف العاقلة في

النظام – إن وجدت – على الحد من تعنت النظام وتجبره الذي يقود البلاد إلى الهاوية؟

وبالنسبة لحقن الدماء

هل تعتقدون أن سورية ستعيش في سلام إذا لم ينل القصاص العادل كل من قتل واغتصب وحرق ودمّر؟

هل تعتقدون أن مئات الألوف من الذين نالهم بطش النظام في السنة الماضية لن يفكروا بالثأر والانتقام بألف طريقة وطريقة، مالم يسقط هذا النظام وتقم دولة العدل والقانون التي تجلب القتلة والمجرمين إلى قوس العدالة؟ هل يمكن حقن الدماء وعدم تحويل سورية إلى غابة يأخذ فيها كل شخص حقه بيده إلا من خلال دولة الحق والعدل والقانون؟ وهل ترون الوصول إلى هذه الدولة ممكن في ظل هذا النظام؟

وبالنسبة إلى الجهة التي تقف وراء الثورة 

عندما تتحكم أسرة واحدة بمقدرات شعب كامل وتسلبه حقوقه الإنسانية الأساسية وتذله وتهينه طوال أربعة عقود، ألا يكفي ذلك سبباً ليثور عليها هذا الشعب؟ هل قرأتم في التاريخ عن شعب تحمل كل هذا الذلّ والظلم والهوان من قبل أسرة واحدة ولم يثر في نهاية المطاف؟ هل الشعب السوري شعب بليد لا نخوة عنده ولا حميّة ولا كرامة؟ هل قامت ثورة في التاريخ على طاغية مستبد، فاعترف الطاغية بأنها ثورة مطالب محقة، ولم يتهمها بأنها مؤامرة خارجية ليتهرب من تحقيق مطالب الناس؟

هل يحتاج السوريون بعد كل هذا الظلم والتجرؤ على حرماتهم ومقدساتهم إلى (جهة ما) تحرضهم وتكون هي السبب وراء ثورتهم؟

وبالنسبةأنها  للجهلة والعاطلين عن العمل 

ألم تلاحظوا بعد أن هذه الثورة يشارك فيها جميع السوريين .. جاهلهم ومتعلمهم .. فقيرهم وغنيهم .. كبيرهم وصغيرهم .. رجالهم ونساؤهم .. فلاحهم وعاملهم وطالبهم وأستاذهم ومحاميهم وطبيبهم؟

إذا كانت ثورة جهلة .. فلماذا انتفضت جامعات دمشق وحلب واللاذقية ودير الزور وحمص وغيرها؟ ولماذا حول النظام الجامعات إلى ثكنات أمنية وملأها بشبيحته لوأد أي احتجاج فيها؟ إذا كانت ثورة جهلة فلماذا تمتلئ السجون بآلاف الطلاب والأطباء والمحامين والمثقفين وعلماء الدين؟

وبالنسبة إلى افتقار الثورة إلى القيادة 

هل يمكن في ظل الملاحقات الأمنية للناشطين أن يتجمعوا و يتواصلوا وينتخبوا قيادة واحدة للثورة على مستوى سورية؟ لو كانت الثورة تفتقر إلى القيادات المحلية في كل حي ومدينة وقرية، هل كانت لتصمد كل هذه الشهور في وجه نظام من أعتى الأنظمة القمعية في تاريخ البشرية؟ هل كان لهذه الثورة أن تستمر كل هذه الفترة ورغم كل هذه الظروف دون تخطيط وتنظيم وقيادة؟ هل احتاجت الثورات دائماً إلى زعيم أوحد لكي تنتصر؟ ألم يرحل طغاة تونس ومصر واليمن من دون وجود هذا الزعيم؟

 أيها الحياديون أجيبوا على هذه الأسئلة بصدق .. لا نطلب منكم إلا الصدق، واعلموا أن حيادكم لن يؤثر على سقوط النظام فهو ساقط لا محالة بإذن الله .. لكنه سيؤخر هذا السقوط ويزيد كلفته ويحرمكم شرف المشاركة فيه

16/5/2012