عذراً بنيّ
إلى ابني عبد السلام الذي دخلتُ السجنَ وهو في الثانيةِ من عمره
عذراً بُنيَّ فما أردتُ بعادا لكنَّه الظلمُ المقيتُ أرادا
عبدَ السلامِ فدتكَ مني مهجةٌ تأبى لغيرِ الله أن تنقادا
ما زلتُ أذكرُ يوم جئتَ لرؤيتي والشوقُ قد زرعَ الجفون سهادا
حالتْ شباكُ السجن ِ دونَ عناقنا فذرفتَ دمعاً يحرقُ الأكبادا
ومددتَ كفكَ نحو وجهي حائراً فمددتُ نحوكَ يا بُنيَّ فؤادا
ووددتُ لو أغفو بصدركَ أضلعا ً أو أن أذوب بمقلتيكَ سوادا
عذرا ًبنيَّ فقد سُجنت لأنني شئتُ الحياة َ عقيدة ً وجهادا
ما شئتُ أن تردَ الوجودَ لكي تذوقَ العيشَ إذلالا ً أو استعبادا
ما شئت أن تحيا بنيَّ لكي ترى وطن الكرام ِيعاركُ الأصفادا
وطنا ً يعدُّ الكاذبونَ بأرضهِ للصادقينَ السجنَ والجلادا
وطنا ً يجوبُ الخوفُ في جنباتِه فيحيلُ جذواتِ النفوس ِ رمادا
القيدُ أحنى يا بنيَّ على يدي من أن أطأطئ َ للطغاةِ نجادا
والسجنُ أوسعُ منزلا ً من موطن ٍ يصلى الهوانَ ويُستباحُ فسادا
لم تُحمَ أوطانٌ بقهرِ رجالها يوماً ولم تبنِ القيودُ بلادا
والظلمُ ما أرسى دعائمَ دولة ٍ والخوفُ لم يُنلِ الشعوبَ مُرادا
بغدادُ لو لم تستكِنْ لمهيبها دهراً لما هزمَ العدا بغدادا
*المهيب : أحد الأسماء التي أطلقها صدام على نفسه
سجن عدرا - رمضان 1430