cover

خواطر 2022-2

المؤسسة الفاسدة واللقمة العالقة في الحلق!
وجود المؤسسة ليس غاية بحد ذاته هي توجد لتخدم غاية معينة. إذا كانت غاية المؤسسة نبيلة ينضم إليها أصحاب النوايا الصادقة ليخدموا هذا الغاية، فإذا انحرفت المؤسسة عن غايتها وعجزوا عن تصحيح مسارها لا يعود وجودهم فيها مبرراً لا من الناحية الأخلاقية ولا من الناحية المصلحية.
يقول البعض: لماذا لا يبقى المصلحون في المؤسسة ولو كانت فاسدة، فهم إن تركوها تصبح أكثر فساداً! هذا المنطق المغلوط يفسر كثيراً من الأوضاع المأساوية التي وصلنا إليها قبل الثورة وبعدها.
إن استمرار وجود المصلحين في مؤسسة فاسدة برغم عجزهم عن إصلاحها لا (يقلل) فسادها كما يدعي البعض، بل يعطي الفساد الشرعية التي تكتسبها المؤسسة بوجود هؤلاء المصلحين، ولو خرجوا منها مبررين خروجهم بما عاينوه من فساد لنزعوا الشرعية عنها وأسقطوها.
ولكن مهلاً، كيف نسقط مؤسسة فاسدة دون إيجاد البديل؟ أليس وجودها أفضل من الفراغ؟ هذا أيضاً منطق مغلوط يفسر أوضاعنا المأساوية قبل الثورة وبعدها.
إسقاط المؤسسة الفاسدة لا يشترط إيجاد البديل وإلا لما طالبنا بإسقاط النظام، بل إن استمرار المؤسسة الفاسدة هو ما يؤخر إيجاد البديل. إن الفراغ هو أفضل من وجود مؤسسة فاسدة لأنه لا شيء يحفز على إنتاج البديل أكثر من الفراغ الذي يتركه إسقاطها، ولا شيء يعيق إنتاج هذا البديل أكثر من وجودها كلقمة عالقة في الحلق نكاد نختنق بها لا نحن نستطيع بلعها والاستفادة منها ولا نحن نستطيع لفظها والتخلص منها.


لماذا ترسف مجتمعاتنا في الحضيض وهي تحمل قيم الإسلام التي ينادي بها الواعظون على المنابر صباح مساء؟
لأننا قلبنا هذه القيم رأساً على عقب؛
فأصبح الخنوع حكمة،
والرضى بالذل صبراً،
والتملق للطاغية دعوة،
والصدق تهوراً،
والتمسك بالمبادئ عناداً،
عندما تنقلب القيم لا يمكن أن تمضي بالمجتمعات قدماُ مهما زعق بها الواعظون على المنابر،
كالإنسان المقلوب، رأسه في الأرض وقدماه في الهواء، مهما وعظته وشجعته على المسير يحرك قدميه ويبقى مكانه!


لولا أن ثقافة النفاق وتمسيح الجوخ لمن يملك القوة منتشرة بيننا نحن السوريين لما تمكن الأسد الأب ومن بعده الابن من التحكم برقابنا،
ثورة لا تقتلع هذه الثقافة ليست بثورة، وما دامت هذه الثقافة بيننا سيعود صاحب القوة ليتحكم برقابنا من جديد، سواء بقوته أو بقوة دولة أخرى، مرة ملتفعاً بعلم الثورة، ومرة مرتدياً عمامة شيخ، ومرة مرخياً لحية مجاهد!


الستر والنصيحة بالسر تكون في الذنوب بين العبد وربه، أما تجاوزات من يعملون في الشأن العام فيجب نقدها علناً، حتى تشيع في المجتمع ثقافة الجهر بكلمة الحق، وهي الثقافة التي تردع المتجاوزين، وغيابها هو البيئة الخصبة التي ينمو فيها الظالمون والفاسدون.
وفي حال تم الافتراء على من يعملون في الشأن العام، فلهم ألسنة يدافعون بها عن أنفسهم، وهناك قضاء يلجأون إليه. إن كم أفواه الناقدين بحجة وجود بعض المفترين، كمن يسكر شبابيك بيته ويحرم أهله النور والهواء بحجة حمايتهم من دخول الذباب!


القائد هو من يبني منظومة وثقافة قادرتين على صنع قادة تستمر المنظومة بهم من بعده فلا يعتمد وجودها على وجوده. المنظومة هنا قد تكون فريق عمل، أو مؤسسةً، أو بلداً بأسره.
أكبر عائق يحول دون ذلك هو أن يستمد الشخص الذي يشغل منصب القيادة مكانته وقيمته وشعوره بالأمان من منصبه، فيظن أن قيمته تقل إذا ترك منصبه، وبناء على هذا الاعتقاد وبوعي منه أوبغير وعي لايهتم بمن يقودهم، ولا يمكّنهم، ولا يعطيهم الصلاحيات، ولا يدرّبهم، ولا يقويّهم، ليظلوا أتباعاً له بشكل دائم، يشجعه على ذلك وجود ثقافة التبجيل والاتكالية عندهم.
أما القائد فيستمد مكانته وقيمته وشعوره بالأمان من رؤيته ورسالته في الحياة، من خدمته وتضحيته، لا من منصبه، القيادة عنده دور لامنصب، وهمه تمكين الآخرين وتقويتهم وتعزيز ثقتهم بأنفسهم ليصبحوا قادة بدورهم، ومعيار النجاح عنده أن يبني تلك المنظومة التي تمكّن الناس وتقويهم وتعزز ثقتهم بأنفسهم وتفسح المجال لمن يملك صفات قيادية منهم ليصبحوا قادة بدورهم، قادة قادرين على بناء قادة أيضاً وهكذا في سلسلة لا تتوقف ما دامت تحميها ثقافة سليمة تقوم على التعريف الصحيح للقيادة وهو: تمكين الناس وإطلاق أفضل ما لديهم من مواهب وطاقات.
هذه المعاني عميقة جداً وخطيرة جداً، والحديث عنها أسهل بكثير من تبنيها بصدق والعمل بها، لأنها تقتضي هدم ثقافة تخالفها تماماً نشأنا عليها وتغلغلت في ثنايا نفوسنا، لكن مع التوعية والعزيمة والإصرار تتحول هذه المعاني إلى ثقافة وممارسة، وهذه هي الثورة الفكرية التي تهدم صروح الظلم والطغيان في مجتمعاتنا وترفع فيها صرح الإنسان.


عندما كنا صغاراً كنا نلعب لعبة (وصل النقاط) حيث كانت مجلات الأطفال تحتوي صفحة عليها نقاط مبعثرة نصلها ببعضها البعض فيظهر لنا شكل، بيت أو شجرة أو غير ذلك.
رحلتنا في الحياة ونحن نكتشف أنفسنا والعالم تشبه هذه اللعبة، حيث الأحداث المتفرقة كالنقاط المبعثرة نربطها ببعضها البعض فيظهر لنا شكل ما. مثلاً، تصرفات شخص ما نفسرها بطريقة معينة ولكن عندما نربطها ببعضها البعض يظهر لنا جانب من شخصيته كان خفياً عنا فنفسرها بطريقة أخرى، حتى تصرفاتنا ومشاعرنا وردود أفعالنا لا تساعدنا على فهم أنفسنا عندما ننظر إليها كنقاط مبعثرة ولكن عندما نربطها ببعضها البعض تكشف جانباً من شخصيتنا كان خفياً عنا، ينطبق ذلك على ظواهر اجتماعية وسياسية تتضح صورتها في أذهاننا عندما نربطها ببعضها البعض.
أحياناً نحمل صوراً ذهنية خاطئة لأننا توقفنا عن عملية الاكتشاف والربط تلك، تماماً كما يحدث لو توقفنا في لعبة (وصل النقاط) مبكراً وتوهمنا أن النقاط التي وصلنا بينها عبارة عن عمود بينما لو تابعنا الرسم لاكتشفنا أن هذا العمود هو جذع شجرة أو رقبة زرافة!
هذا الاستعداد النفسي والذهني لاكتشاف الجديد الذي يتضح مع الزمن وتغيير الصور الذهنية تبعاً لذلك يعطينا المرونة اللازمة لفهم أنفسنا والعالم بشكل أفضل.


يجب أن نطبق على أنفسنا ما نعلّمه للآخرين، لكن قدراتنا أحياناً لا تصل إلى مستوى التطبيق الذي يستطيع الآخرون الوصول إليه، لا يقلل ذلك من مصداقيتنا ولا من قيمة ما نعلّمه ما دمنا نبذل الوسع في التطبيق
قد يكون اللاعب أكثر مهارة من مدربه وهذا لا ينفي مصداقية المدرب ولا صحة معلوماته وقيمة خبرته
قديماً قالوا: رب حامل فقه إلى من هو أفقه منه


في الطب حرارة مرتفعة مع ألم في الجزء السفلي الأيمن من البطن مع إقياء وارتفاع في الكريات البيضاء في الدم مع نفي الأسباب الأخرى التي تحدث أعراضاً مشابهة كالانتان البولي يعني تشخيص التهاب الزائدة ويتطلب قراراً بإجراء العملية.
هل يعني ذلك أن الطبيب متأكد 100% من التشخيص؟ لا، ولكن يكفي الترجيح إلى حد كبير لجعل القرار صحيحاً حتى ولو تبين بعد فتح البطن أن الزائدة سليمة، وأنا شخصياً مررت بحالة كهذه عندما كنت أمارس الطب.
في الحياة العملية إذا أردنا أن تقتصر قراراتنا على القناعات اليقينية سنقع حتماً في دائرة اللاقرار واللافعل، نحن نبني قراراتنا بناء على الترجيح وتعتمد درجة الترجيح الكافي لاتخاذ قرار ما على طبيعة الموضوع وخطورته والموازنة بين الآثار المترتبة على القرار أو عدم القرار.
في الحياة العملية كثيراً ما لا تكون متأكداً من صحة قناعة ما ومع ذلك تبني قرارك بناء على ترجيح صحتها لأنك في النهاية تحتاج إلى قرار. العيش في دائرة اللاقرار بسبب عدم التأكد يجعلك في آخر الركب وهو لا يزيد معرفة ولا ينمي خبرة.


كيف تعلم التفكير الناقد في الشمال السوري والناس لا تجد ما تأكله؟ والبلاد محتلة؟ أليس هذا من الترف الثقافي الذي لا حاجة لنا به؟
لا ياصديقي، تعليم التفكير الناقد ليس ترفاً ثقافياً بل حاجة وجودية كالطعام والشراب.
التفكير الناقد يعلمك كيف تقيم حجة ما فتقبلها أو ترفضها. والحجة هي نتيجة نستدل عليها بسبب أي أنها مكونة من ثلاثة عناصر؛ سبب واستدلال ونتيجة، والتفكير الناقد يعلمك كيف تقيم هذه العناصر الثلاثة.
حياتنا اليومية وقراراتنا الصغيرة والكبيرة كلها مبنية على عشرات الحجج التي نمر عليها يومياً فنقبلها أو نرفضها، والتفكير الناقد يعلمك كيف تفعل بذلك بطريقة علمية منهجية تقلل نسبة الخطأ إلى أكبر قدر ممكن.
هل تعلم أن الكثير من مشاكلنا السياسية والاجتماعية سببها عدم التأكد من مصداقية مصدر السبب عندما يقدمه أحدهم لدعم نتيجة ما؟
أو عدم وجود سبب يدعم به هذه النتيجة أصلاً؟
أو عدم صحة الاستدلال الذي يربط السبب بالنتيجة؟
أو عدم أخذ العوامل الأخرى بعين الاعتبار عند تقييم حجة ما؟
هل تعلم أن كل ما سبق يندرج ضمن مهارات التفكير الناقد؟
هل تعلم أن الناس عندما يتعلمون التفكير الناقد يصعب خداعهم وسوقهم كالقطيع؟
هل تعلم أن تعلم التفكير الناقد يساعد على الوقاية من الخلافات لأن الناس عندما يفكرون بمنهجية علمية واحدة تقل أسباب الخلاف بينهم، وأن التفكير الناقد يساعد على حل الخلافات عند وقوعها للسبب نفسه؟
هل تعلم أن معظم الجامعات في الدول المتقدمة تدرج التفكير الناقد في مناهجها مهما كان الاختصاص بينما قد يصبح أحدهم في بلادنا أستاذاً جامعياً أو مسؤولاً كبيراً دون أن يكون قد قرأ صفحة واحدة عن التفكير الناقد؟
وأخيراً، هل تعلم أن بعض مناهج الوقاية من المخدرات تدخل التفكير الناقد في موادها لأنه يساعد على بناء شخصية قوية واعية مفكرة وهي أقل عرضة لتعاطي المخدرات من الشخصية التي لا تتقن التفكير الناقد؟ لا داعي للتذكير بأن المخدرات نوعين: مادية وفكرية والثانية أدهى وأمر!


تحديد الذات أولاً ثم التفاعل مع الآخر. من دون ذات تحدد نفسها بمبادئ وقيم ومعتقدات ثابتة لن يكون هناك آخر تختلف معه وتتحاور وتتفاعل! إزالة الحدود بين ما يعتقد الإنسان بصوابه وما يعتقد بخطئه سيولة وجودية تلغي الهوية اللازمة للتفاعل مع الآخر ولتقديم مساهمة فريدة في هذا العالم.


تجربتي مع القراءة باختصار
ماذا أقرأ؟ لا يوجد منهج محدد،
أحياناً بدافع الفضول لمعرفة موضوع جديد أو للتعرف على فكر شخص لا أعرف فكره بعد،
أحياناً للإجابة على أسئلة تعرض لي ذات طابع نظري أو عملي،
أحياناً أقرأ في موضوع لمجرد أنني أحب القراءة فيه،
ليس شرطاً أن أقرأ الكتاب من الجلدة إلى الجلدة قد أختار فصولاً محددة،
ليس شرطاً أن أستمر في قراءة كتاب، قد أقرر بعد صفحات أن أتوقف لأنني لم أجد بغيتي في الكتاب أو أحياناً لمجرد أن الأسلوب لم يعجبني،
ليس شرطاً أن أقرأ بتركيز، أحياناً أمر على السطور بسرعة ولو لم أفهم كل شيء (لأنه في بعض المواضيع لا يهمني أن أفهم كل شيء!) في مواضيع أخرى أقرأ بتركيز شديد وأعيد قراءة العبارة أكثر من مرة حتى أفهمها،
أحياناً يكون الموضوع هو البوصلة، أي أنني أقرأ في عدة كتب أو مواقع من أجل استيفاء معلومات عن موضوع بعينه،
أقرأ أحياناً لأجيب على أسئلة معينة، فتولد القراءة عندي أسئلة جديدة وتفتح أمامي آفاقاً جديدة،
بعض الكتب أعيد قراءتها من حين إلى آخر لأنها تحقق لي متعة عقلية وروحية خاصة،
القراءة توسع عقل الإنسان وقلبه، لكنها أيضاً توسع إدراكه لجهله وشعوره بضآلته، وتزيد من قلقه، أقصد القلق الإيجابي الذي يدفعه إلى الشك والبحث وعدم الاطمئنان الكاذب إلى وهم المعرفة،
واخيراً القراءة تحتاج إلى العزلة، ليست العزلة التي تبعدك عن الناس وحسب وإنما التي تبعدك عن نفسك أيضاً فتفهم نفسك أكثر وتفهم الناس أكثر.


الصداقة عشرة عمر ومودة تبنيها مئات الساعات من التواصل الواقعي والمشاركة في الدمعة والابتسامة
الجسور التي تمدها بين القلوب صداقة العالم الافتراضي أضعف بكثير من تلك التي تمدها الصداقة الواقعية فكم من صديق واقعي اختلفنا معه في بعض الأمور لكن ما بيننا من خبز وملح لم يحول الخلاف إلى عداوة بينما من السهل جداً أن تتحول الخلافات في العالم الافتراضي إلى عداوات
من مفارقات الاكتفاء بالتواصل عبر وسائل التواصل الاجتماعي أنه يبني صداقات وهمية لكنه في الوقت نفسه قد يؤسس لعداوات حقيقية كان بالإمكان تجنبها لو كانت الصداقة واقعية لا افتراضية


كلما زاد الصخب واللايقين في العالم من حولنا زادت حاجتنا إلى الهدوء والأمان الداخلي الذي يمنحنا إياه الوضوح في مبادئنا وقيمنا ورسالتنا في الحياة


تأملات في الموت وما بعد الموت
مخيف تصور الموت حتى عند المؤمنين بحياة بعد الموت، لكن المخيف أكثر أن نتصور حياتنا في هذه الدنيا بلا موت، ستكون تكراراً مملاً يشبه الجحيم!
وكما قيمة الذهب تأتي من ندرته وكميته المحدودة فإن قيمة زمننا الشخصي تأتي من كونه محدوداً، أن تكون هناك نهاية لوجودنا في الدنيا يكثف زمننا الشخصي ويجعل لحظاته ثمينة لأنها محدودة ويملؤها بالمعنى الذي اخترنا أن نعيش من أجله، وبمقدار ما يكون المعنى عظيماً تتكثف لحظات وجودنا ونشعر أكثر بقيمتنا الإنسانية التي تعطينا أماناً داخلياً لا تهزه العوارض الخارجية.
وماذا عن الآخرة، ألن نمل هناك من حياة بلا موت؟ هناك سيأخذ وجودنا الجسدي والنفسي شكلاً آخر لا تنطبق عليه قوانين الدنيا، وكما صمم الخالق أجسادنا ونفوسنا في هذه الدنيا بما يناسب الغاية منها وهي خلافة الله في الأرض وإعمارها بكل ما يفيد البشرية ويرتقي بها، سيصمم أجسادنا ونفوسنا في الآخرة بما يناسب الغاية من الآخرة وهي تلقي النعيم المادي والمعنوي المتجدد الذي لا ينتهي، نسأل الله أن يجعلنا من أهله


ثورة مضادة باسم الثورة!
نشأ تعبير (الثورة المضادة) للإشارة إلى الجهود المبذولة لمقاومة التغيير الذي بدأته الثورات العربية وإعادة الشعوب التي تمردت على الظلم إلى القمقم الذي أرادت الخروج منه.
وغالباً ما يستخدم تعبير (الثورة المضادة) لوصف انقلابات عسكرية/سياسية على نتائج ثورات الربيع العربي مثل انقلاب السيسي في مصر وحفتر في لبيبا وقيس سعيد في تونس.
إلا أن هناك شكلاً آخر من أشكال الثورة المضادة أكثر تدميراً لثورات الحرية وأكثر بثاً لليأس والإحباط في نفوس أصحابها وهي تلك التي تتم على يد أشخاص يرفعون شعارات الثورة بل يتصدون لتمثيلها!
حتى نبين من هؤلاء أصحاب (الثورة المضادة باسم الثورة) لنستعرض فلسفة الثورة المضادة؛ هي تقوم على ذات النظرية التي كان الطغيان يقوم عليها: الشعوب لا تستحق الحرية وبالتالي لا بد من سوقها بالنار والحديد حتى يعود الأمن والاستقرار إلى الأوطان!
النار والحديد هنا قد يكون استقواء بقوى إقليمية ودولية يتحول أصحاب هذا الشكل من الثورة المضادة إلى أدوات بأيديها، وقد يكون فصيلاً عسكرياً يفرض نفسه على الأرض ويكم أفواه معارضيه بذات الوسائل والأدوات التي كان يفرضها النظام الذي ثرنا عليه وبالحجة ذاتها: فرض الأمن والاستقرار.
ولكن أليس من الواقعية الاستعانة بالقوة العسكرية لفرض الأمن والاستقرار؟! لا نتحدث هنا عن استعمال القوة لفرض القانون هذا أمر مطلوب، نتحدث عن الوصاية الجديدة على الناس بحجة أنهم لا يستحقون الحرية وبأن من يفرض هذه الوصاية عليهم أقدر منهم على إدراك مصلحتهم، نتحدث عن استثمار المال والوقت والجهد في تطويع الشعب من جديد بدلاً من استثمار كل ذلك في توعيته وتنظيمه وتمكينه لتكون له كلمته وليستطيع الدفاع عن حقوقه.
أي فصيل عسكري يعيش فوق القانون ويمارس الفساد ويكم أفواه معارضيه في الشمال السوري هو ثورة مضادة وأي معارض سوري يتنطع لتمثيل السوريين في حين لا تهمه إلا مطالب الدول ولا يعود إلى السوريين ليعرف مطالبهم ويعبر عنها بأمانة هو ثورة مضادة.


فكرة تعلمتها منذ وقت طويل حررتني من كثير من المشاعر السلبية وأعطتني كثيراً من القوة،
وهي أنني أنا المسؤول عن اختيار من أثق بهم، فإذا اختلفت توقعاتي عن تصرفاتهم، هذه مسؤوليتي وفرصتي للتعلم كيف أختار وكيف أثق، وليست مناسبة للشكوى واللوم والتحدث عن الخذلان،
الحياة مليئة بالأشخاص والفرص والدروس وحريتنا فيها تحددها رغبتنا في الاقتحام والمحاولة والتعلم، اللوم والشكوى ولعب دور الضحية وسائل دفاع نفسية تريح صاحبها مؤقتاً لكن على المدى الطويل تقيده وتغرقه في الإحباط والمشاعر السلبية


لو كنتَ أمهر طبيب أطفال، وأصيب طفلك بمرض ما، وشخصتَ مرضه ووصفتَ له دواء، لكن الكثيرين من أطباء الأطفال خالفوك في التشخيص والعلاج، وقالوا لك هذا العلاج سيزيد حالة طفلك سوءاً وقد يودي بحياته، ألن تحرص على الجلوس مع هؤلاء الأطباء والدخول معهم في نقاش عميق وجاد لتعرف وجهة نظرهم قبل أن تمضي في العلاج؟! أم أنك ستصر على وجهة نظرك دون أن تلقي لآراء الآخرين بالاً وتقول: سأمضي في العلاج ولو خالفني كل أطباء الأرض! كيف إذا كان المريض ليس طفلك ولا يخصك وحدك وإنما قضية تخص شعباً بأسره، وليس أي شعب وإنما شعب ضحى في سبيل كرامته بمئات ألوف الشهداء
أستغرب من جرأة البعض على التمسك بقراراتهم السياسية ولا مبالاتهم بآراء المخالفين لهم خصوصاً أنهم لا يتفوقون على المخالفين لا في الشهادة العلمية إذ ليس فيهم من هو متخصص في السياسة والعلاقات الدولية ولا في الخبرة والتجربة إذ ليس فيهم من قاد حزباً نجح في انتخابات أو شكل حكومة أوفت بوعودها أو حقق أي إنجاز سياسي صغير أو كبير
لا أحب الحكم على النوايا ولكن سأكون ساذجاً إن لم أفترض أن هؤلاء الذين يتدافعون لشغل هذا المنصب أو ذاك مؤيدين برضا هذه الدولة أو تلك لا يحركهم الحرص على القضية وإنما يحركهم حب التزعم والظهور والمزايا المادية والمعنوية التي يكسبونها من وراء مناصبهم وخصوصاً عندما تُتاح لهم الزعامة بالمجان دون أن يدفعوا ثمنها من كاريزما وذكاء وبطولة وتضحية وجَلَد وغيرها من إمكانيات القيادة التي لا يملكون منها إلا القليل


في التعليم هدف المعلم تعليم الطلاب
وفي السياسة هدف السياسي تحقيق مصالح من يمثلهم
وفي الخطابة هدف الخطيب التأثير بمن يخطب فيهم
الطلاب لا يتعلمون من معلم لا يعجبهم أسلوبه ولو كان يظن نفسه أمهر المعلمين، والناس لا يدعمون سياسياً يعتقدون أنه لا يحقق مصالحهم ولو كان يظن نفسه أذكى السياسيين، والمصلون لا يتأثرون بخطيب لا تعجبهم خطبته ولو كان يظن نفسه أفصح الخطباء
نحن لا نتكلم عن (الشعبوية) هنا أي أن تخاطب الناس بما يريدون أن يسمعوه ولو كنت تعتقد أنه خاطئ، نحن نتكلم عن احترام حق الناس في أن تبدي رأيها في ما تقوم به سلباً أو إيجاباً وواجبك في أن تغير ما تقوم به إن وجدتهم محقين أو أن تشرح لهم لماذا ما تقوم به هو الأفضل إن وجدتهم مخطئين
أثبتت الدراسات أن المرضى يتجاوبون في اتباع العلاج أكثر مع الأطباء الذين يصغون لهم ويجيبون على أسئلتهم ويشرحون لهم أهمية العلاج
معرفة آراء الناس فيما نقدمه لهم شرط أساسي حتى نطور أنفسنا وأسلوبنا وخطابنا وتواصلنا معهم حتى نصل إلى الغاية مما نقدمه لهم وهو خدمتهم بطريقة ترضيهم
تجاهل آراء الناس بحجة أنهم (لا يفهمون) هو داء النخب التي تعيش في أبراجها العاجية


بين الفكري والسياسي
المفكر يطرح أفكاراً جديدة تخالف الأفكار السائدة ولأن أكثر الناس بطبيعتهم يرفضون الجديد يُحارب المفكر بدرجات مختلفة أقلها تسفيه رأيه وأكثرها اغتياله معنوياً وحتى مادياً، المفكر لا يبالي برضا الناس فهمّه أن يغير قناعاتهم لا أن يكسب رضاهم، وقد يمر جيل أو جيلان قبل أن تصبح أفكاره مقبولة بعد أن تثبت صحتها
بالمقابل السياسي يحاول تحقيق المكاسب للشريحة التي يمثلها من خلال التعامل مع الواقع معتمداً على أوراق قوة متنوعة أهمها قبول الناس به وتأييدهم له لذلك يحرص على رضاهم
السياسي بضاعته المساومات والمناورات أما المفكر فبضاعته الأفكار وهي لا تقبل المساومات والمناورات
الجمع بين دوري المفكر والسياسي يقتضي أن تطرح أفكاراً تجديدية بطريقة لا تنفر الناس، وأن تساوم وتناور دون أن تتخلى عن أفكارك، وهو أمر يبدو مستحيلاً كالجمع بين الماء والنار لكن إذا تم بطريقة إبداعية قد يصنع خروقات تغير وجه التاريخ كالمحرك البخاري الذي أطلق الثورة الصناعية في أوروبا وما هو إلا جمع إبداعي بين الماء والنار!


الذين تعمل عقولهم في العلاقة مع الآخرين بطريقة الكمبيوتر أي بطريقة 0 أو 1 حيث 0= فلان لا يعجبني ولا أستطيع التعامل معه و1= فلان يعجبني وأستطيع التعامل معه، هؤلاء يَتعبون ويُتعبون ويصعب أن يكونوا لاعبي فريق
كل إنسان له وعليه والانتقال من منظور: فلان يعجبني أو لا يعجبني إلى منظور: فلان يعجبني فيه كذا وكذا ولا يعجبني فيه كذا وكذا يهدئ مشاعرنا السلبية تجاه الآخرين بسبب بعض تصرفاتهم أو صفاتهم ويجعلنا أكثر إتزاناً وإنصافاً ومرونة في التعامل معهم. يُستثنى من ذلك من عنده مشاكل أخلاقية جوهرية كالكذب والخيانة وما شابه
الأمر ليس سهلاً في كل الحالات لكن العلم بالتعلم والحلم والتحلم


كانت الأصنام تحيط بالكعبة وكان من بيدهم السلطة يحمونها وكانت حياة الناس السياسية والاقتصادية والاجتماعية تدور حولها، لم يمنع ذلك محمداً صلى الله عليه وسلم من الدعوة إلى تحطيمها، لم يمنعه من ذلك قول الآخرين عنه أنه حالم أو مجنون! ظل يدعو وينشر فكرة التوحيد في الناس إلى أن جاء اليوم الذي لفظت فيه عقولهم وقلوبهم فكرة الأصنام فحطموها وأصبحت ماضياً يتندرون به.
اليوم تسود مجتمعنا أفكار تشبه هذه الأصنام تماماً فهي أفكار سائدة يحميها من بيدهم السلطة وتدور حياة الناس السياسية والاقتصادية والاجتماعية حولها، مثل فكرة الخضوع للقوي ولو كان مستبيحاً للدماء بحجة الحفاظ على الشوكة، وفكرة تبرير السكوت على الظلم بحجة دفع ظلم أكبر منه، وفكرة الاستعانة بالظالم بحجة نصرة قضية عادلة، أفكار تدل على سوء فهم للدين وللسياسة وعلى قصر نظر أيضاً لأن أصحابها يعجبون بشخص مثل صدام حسين لأنه وقف في وجه إيران ولا يدركون أن استبداده واستباحته هو وأولاده لدماء وأموال وأعراض العراقيين هو الذي أوصل العراق إلى ما هو عليه الآن!
لا نريد في شمال سورية صدام جديد أو (حافظ أسد سني) يفرض الأمن بقهر الناس وتقديم مصلحة جماعته ومشروعه الإيديولوجي على مصلحة الوطن بحجة الشوكة والاستقرار! لأنه استقرار سطحي كاذب مؤقت سينتهي مثل انتهى استقرار سورية والعراق وليبيا واليمن. نعم نريد حكماً قوياً صالحاً يطبق القانون بقوة وحزم على نفسه قبل الآخرين لكنه يستمد شرعيته من رضا الناس لا من استباحة دمائهم وكراماتهم، ونريد أن يكون عند الناس ذلك الوعي الذي يجعلهم يرفضون ويلفظون كل من يريد أن يستبد بهم تحت أي حجة كانت.
هل يبدو الوصول إلى هذا الوعي بعيداً مقارنة بالواقع؟ نعم هو بعيد. هل هو حلم أو جنون؟ لا أبداً بل هي قوانين ربانية في قيام الحضارات واستقرار المجتمعات لن نصل إلى بر الأمان قبل أن تصبح من البديهيات التي لا يناقش فيها أحد ولا يرضى بمخالفتها أحد، تماماً كما لا يرضى الناس اليوم بأن يهجم شخص على امرأة وينزع حجابها في السوق، الكل سوف يتصدى له ويدافع عنها، دون أن ينتظروا شيخاً يفتي لهم أو حزباً سياسياً يوجههم، عندما يصبح رفض المستبد في وعي الناس العام مثل رفض نزع الحجاب عن هذه المرأة يكون مجتمعنا قد وصل إلى بر الأمان وبدأنا الخطوة الأولى ليكون لنا مكان يليق بنا على هذا الكوكب غير مكان الذيل الذي نشغله اليوم!


يوجد في الطب ظاهرة اسمها الاغماء بسبب رؤية النزف، سببها انفعال عاطفي شديد يؤدي إلى هبوط في الضغط فغياب عن الوعي،
يحدث ما يشبه ذلك عند بعض من ينظرون إلى مجتمعهم الذي ينزف بسبب أمراضه الفكرية والأخلاقية، فيصابون بالإغماء النفسي ويعلنون أنه لا أمل من المجتمع لحساسيتهم العالية من هول ما يرون،
علينا أن نتفهم يأسهم .. هم أشخاص مرهفو المشاعر يدافعون عن أمانهم الداخلي بطريقتهم الخاصة


كتبت مرة أن في سورية من الخيرات المادية والإمكانيات البشرية ما يكفي لجعلها قبلة المنطقة في السياحة والتعليم والتطبيب والاستثمار، علقت سيدة مقيمة في بلد خليجي: هكذا كانت سورية قبل أن تخربها ثورتكم.
واضح أن هذه السيدة لا تعرف كيف كانت سورية عشية الثورة. كان لي قريبان أحدهما يسكن في الغوطة والآخر في مشروع دمر، وكنت عندما أزور قريبي في مشروع دمر، أسلك الطريق الممتد من مشفى الاطفال إلى المشروع، الطريق المؤدي إلى ما يسمى قصر الشعب، فأشعر وكأنني في سويسرا لكثرة الحدائق والورود على طرفيه، في الوقت نفسه كنت أغرق في الطين إلى نصف ساقي (حرفياً) عندما كنت أزور قريبي في الغوطة بسبب غياب الطرقات المعبدة، والمسافة بينهما لا تتجاوز عشرة كيلومترات. هذا التفاوت على طرفي العاصمة دمشق فما بالك بالمناطق التي سماها النظام (نائية) والتي ضربها العطش والجفاف في السنين التي سبقت الثورة، بسبب الإهمال وسوء التخطيط، مما دفع بمئات الألوف من ساكنيها إلى الهجرة إلى المدن الكبرى والسكن في أحزمة الفقر المحيطة بها ليزيدوها بؤساً وفقراً.
من دون حريات سياسية ومن دون دولة عدالة وقانون لا وجود لإصلاح اقتصادي وانما سيحصل حتماً سوء توزيع في الثروات يؤدي إلى احتقان اجتماعي ينتهي بالانفجار، وهذا ما كان.
نعم في سورية من الخيرات الموجودة فوق الارض وتحت الارض ومن الامكانيات البشرية ما يكفي ليعيش السوريون كما يعيش السويسريون وأفضل، لكن لا بد من العبور من المزرعة (سواء كانت مزرعة بشار أو مزرعة قسد أو مزرعة ادلب أو مزارع مناطق الفصائل في شمال سورية) إلى الدولة، من أجل العبور من المزرعة إلى الدولة قامت الثورة السورية.


الأوبئة والمجاعات والحروب والكوارث الاقتصادية التي تهدد العالم
والوصول إلى كم هائل من المعلومات والأفكار بشكل غير مسبوق في تاريخ البشرية دون أن أي مصفاة تبين المعلومة أو الفكرة الصحيحة من الخاطئة
كل هذه من عوامل القلق والحيرة والاضطراب التي لا يعيشها السوريون وحسب وإنما كل سكان الكوكب
يضاف إليها عوامل قلق وحيرة تخص السوريين؛
ما تعرضوا ويتعرضون له من قتل واستباحة لحياتهم وحقوقهم وإنسانيتهم
خروجهم من بيئتهم وعيشهم في بيئة وثقافة ولغة أخرى
وقوع البلد الذي كانوا يشعرون بالانتماء له، ولو لفظياً، للتفكك والاحتلالات بحيث أصبح مجهول المستقبل، وأصبح وجوده ومصيره على المحك
الظروف المادية والقانونية الضاغطة التي يتعرض لها السوريون حيثما وجدوا
كل ما سبق يشعر السوري بالإغراق وبحالة من الفوضى الفكرية والشعورية، إما يستجيب لها بالتبلد فيغلق نفسه على عالمه وأفكاره رافضاً كل جديد، ولن يشعره ذلك بالأمان بل بمزيد من القلق والحيرة والخوف من العالم المليء بالمتغيرات والمجاهيل
أو يشتغل على عالمه الداخلي فيقوي عنده أدوات التفكير الناقد وأدوات الذكاء العاطفي أي فهمه لذاته وفهم العلاقة بين مشاعره وأفكاره وسلوكياته وكيفية التحكم فيها وفهم الآخر من دون تحيزات مسبقة، وهكذا مع فهم أكثر للذات وللآخرين تصبح مراجعة الأفكار والتصورات روتيناً عادياً، ويصبح مصدر الشعور بالأمن البحث عن الصواب وليس التمسك بالأفكار القديمة بغض النظر عن كونها على صواب
صحيح أننا نعيش في عالم يمر بمتغيرات كبيرة وسريعة لكن الذي خلق هذا المحيط أعطانا القدرة على التجديف فيه والأفكار التي نقلت البشرية إلى وضع أفضل ولدت في مخاضات كهذه


اتساع الطرق وتمهيدها وخلوها من المطبات إذا لم يرافقه إشارات مرور وجسور وأنفاق تضمن الانتقال الآمن من جهة إلى أخرى ووعي بقواعد المرور وانضباط بهذه القواعد وسلطة تسهر على الالتزام بهذه القواعد سيؤدي إلى مزيد من الحوادث،
هذه المعضلة لها حلان:
الحل الأول: حرمان الناس إلى الأبد من الطرق الواسعة الممهدة، والاكتفاء بالطرق الضيقة الترابية المهترئة المليئة بالمطبات لأن كثرة الحركة وسرعتها تزيد الحوادث!
الحل الثاني: بناء الطرق الواسعة الممهدة الخالية من المطبات، وزيادة عوامل الأمان فيها ببناء الجسور والأنفاق التي تضمن الانتقال الآمن من جهة إلى أخرى، ووضع إشارات المرور الكافية، وتوعية الناس للالتزام بقواعد السير
الحل الأول هو حل الطغاة الذي يدفنون شعوبهم في غبار الجهل والتخلف
والحل الثاني هو حل عشاق الحرية وطلابها الذين يؤمنون بالشعوب وأهليتها للحياة الحرة الكريمة
لا ينطبق ذلك على طرقات السير وحسب، وإنما وهو الأهم، على الحريات السياسية التي من دونها تعقم المجتمعات وتضمر وتهزم في معاركها الداخلية والخارجية


عندما أقول (يجب) على هيئة معارضة رسمية أن تفعل كذا، هذا لا يعني أنني أعطيها الشرعية، ولا يعني أنني أتوقع منها أن تفعل ما أطلبه،
هذه الـ (يجب) برأيي جزء من بناء الوعي السياسي عند السوريين، ليعرفوا ماذا يجب أن تفعل الهيئات التي تدعي تمثيلهم، وليطالبوها بذلك كلما التقت بهم بدلاً من أن يسمعوها كلمات المجاملة، ولينزعوا الشرعية عنها ويقاطعوها ويطالبوا بإسقاطها إن لم تفعل، حتى ولو لم يملكوا أدوات الإسقاط وصنع البديل فغياب هذه الأدوات لا يبرر الصمت على تقصير هذه الهيئات، الصمت الذي يشجعها على تحويل هزائمها وفشلها إلى صمود وانتصار!
بعد هذه المقدمة أقول:
في أي لقاء بين هيئة معارضة رسمية (ائتلاف، حكومة مؤقتة، هيئة تفاوض، لجنة دستورية) وسوريين (احزاب، منظمات مجتمع مدني، هيئات ثورية، نقابات .. ألخ) يجب أن يطرح السوريون على هذه الهيئة السؤالين الجوهريين التاليين:
1- ما هي خطتكم للتعامل مع تهرب النظام من تطبيق القرارات الدولية التي تقضي بانتقال سياسي في سورية؟
2- ما هي خطتكم لادارة الشمال السوري الذي يعج بالفوضى؟
اي كلام لا يقدم إجابة مرضية على هذين السؤالين الجوهريين الذين وجدت المعارضة للإجابة عليهما، ولا يعبر عن استقلال المعارضة ومبادرتها وقدرتها على الفعل السياسي، هو ضراط على بلاط .. لا أكثر