خواطر 2023-3
في العمل الجماعي الأنظمة الداخلية لوحدها لا تقود، هي مجرد حبر على ورق والحبر لا يقود رجالاً، الرجال هم من يقودون
بالمقابل، عندما يقود الرجال من دون أنظمة داخلية تنظم العمل وتحقق المشاركة والمراقبة والمحاسبة، فإن العمل الجماعي لن يخرج عن إطار (مؤسسة الحجي) التي تعيش ببقائه وتموت بذهابه
حتى تنجح أعمالنا الجماعية ويكتب لها البقاء والنمو والقدرة على مراكمة الخبرات والتجارب نحن بحاجة إلى الاثنين معاً لأنهما بنفس الأهمية: نحن بحاجة الرجال المؤثرين الذين يثق بهم الناس، وبحاجة الأنظمة التي تنظم العمل ويخضع لها الجميع
السؤال الآن: هل ينجح العمل الجماعي بالأنظمة الداخلية فقط إذا لم توجد الثقة بين أعضائه؟! أعتقد أن الجواب واضح
ولكن كيف تبنى الثقة من دون أنظمة داخلية يشارك الجميع في وضعها وتطبيقها بصدق وشفافية وتطويرها باستمرار؟
أليس وجود نظام داخلي يحتكم له الجميع هو التطبيق الفعلي لـفكرة (سيادة القانون) التي نتغنى بها ونقول أننا قمنا بثورة من أجل تحقيقها في سورية الجديدة؟
إذا لم نكن قادرين على تطبيق هذه الفكرة على مستوى أعمالنا الجماعية كيف سيثق الناس بقدرتنا على تطبيقها على مستوى الدولة وبناء دولة القانون التي نقول أننا ثرنا من أجل إقامتها ونريد أن نكون رجالها في المستقبل؟!
اللهم أعطنا من القوة ما يجنبنا التنازل والمجاملة والمداراة في المواقف الأخلاقية التي لا تتحمل أياً مما سبق
وأعطنا من المرونة ما يمكننا من الحوار والتفهم والالتقاء على المشتركات في المواقف السياسية التي تتحمل كل ما سبق
وارزقنا اللهم من الصدق معك ومع أنفسنا ما يمكننا من التفريق بين هذين النوعين من المواقف
نحن السوريون فينا مناطقيون عنصريون من كل المناطق وفينا عاقلون أخلاقيون من كل المناطق تعميم العنصرية على أهل منطقة هو عنصرية تمارس ضدهم!
العلوية السياسية مدعومة بالعلوية العسكرية والأمنية سرطان خبيث يفتك بالجسد السوري منذ ستة عقود استئصال السرطان بشكل كامل عملية مؤلمة وخطيرة لكن بقاءه يعني موت الجسد ونهايته الحتمية الحل السوري الحقيقي المستدام الذي يصب في صالح كل المكونات السورية هو الذي يفصّل على مقاس هذه الاستعارة للصراعات في هذا العالم سواء كانت داخلية بين أبناء البلد الواحد أو خارجية بين الدول أسباب متعددة يتشابك فيها السياسي والاقتصادي والاجتماعي والديني والمناطقي وغير ذلك من أسباب
لكن في النهاية يمكن رد الصراعات كلها إلى ثلاثة عوامل :
1. قلة من المستبدين المتعطشين إلى السلطة بأي ثمن
2. كثرة من الجاهلين الخانعين المستسلمين لهذه القلة
3. طبقة من (المثقفين) و(رجال الدين) يبررون للقلة تسلطها وللكثرة خنوعها بمبررات دينية ووطنية وأخلاقية زائفة
الشعائر التعبدية في الإسلام هدفها تهذيب النفس تهذيباً ينعكس على سلوك الناس وحياتهم الاجتماعية والسياسية
صلاة الجماعة مثلاً تربي النفس على الانضباط خلف إمام واحد، ولكن ليس وفق أهواء هذا الإمام وتخرصاته، وإنما وفق ضوابط معينة يحددها الشرع، فلو قرر الإمام أن يزيد في عدد الركعات والسجدات على هواه بطلت الصلاة ولا يجب على المصلين في هذه الحالة أن يغادروا الصلاة خلفه وحسب بل يجب عليهم أن يعزلوه ويمنعوه من إمامة المسلمين مرة أخرى
الطاعة للإمام ليست مطلقة وإنما مقيدة بضوابط الشرع وإذا كانت ضوابط الشرع في الصلاة عدد الركعات والسجدات فإنها في الحكم تحقيق العدل وصيانة الحقوق وحفظ الدماء والأموال والأعراض وإلا فنحن أمام عبادة العباد وليس عبادة رب العباد
(إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر) هي فلسفة العبادات في الاسلام: أن تنعكس العبادات على سلوك الناس وحياتهم الاجتماعية والسياسية
عندما يتباهى المسلمون بأداء الشعائر التعبدية دون أن تنعكس على سلوكهم الاجتماعي والسياسي يصبحون أمة نفاق والنفاق ثمنه في الدنيا ذل وخزي وهزيمة بين الأمم وفي الآخرة عذاب أليم
عندما يبرز فيك شرطي داخلي يخبرك بما يجب عليك أن تقول أو لا تقول كي لا تغضب صاحب السلطة، عندها تكون قد أصبحت بوقاً لطغيان جديد شئت أم أبيت
صمتك عن شهوة الكلام في هذه الحالة هو جهادك الأكبر
هل يمكن إصلاح المنظومة الطاغوتية من داخلها؟!
المنظومة الطاغوتية: منظومة يمسك فيها بالقرار الذي يمس حياة المجتمع ومصيره شخص واحد أو فئة ضئيلة من دون آلية تضمن مشاركة بقية أفراد المجتمع في صنع القرار أو مراقبة ومحاسبة واستبدال صانعيه. إنها منظومة فرعون (ما أريكم إلا ما أرى) الذي ورد ذكره في القرآن الكريم 74 مرة في دلالة على خطورة هذه المنظومة وما تسببه للأمة من هلاك وبوار إن تمكنت منها.
إن الانخراط في المنظومات الطاغوتية من أجل (إصلاحها من الداخل) هو تصور ميكانيكي ساذج وتبسيط مخل يتجاهل كون هذه المنظومات بنى محكمة وليست أوعية فارغة إذا (ملأناها) بأصحاب النوايا الطيبة أصبحت منظومات صالحة.
المنظومات بالعموم ليست أوعية فارغة نملؤها بما نشاء بل هي بنى مصنوعة لتحقيق غايات معينة. الساعة بنية مصنوعة لقياس الوقت، والسيارة بنية مصنوعة لنقل البشر، إن تغيير مسنن في الساعة لن يجعل منها شيئاً غير الساعة وكذلك تغيير دولاب في السيارة لن يغير من كونها سيارة. المنظومات الطاغوتية هي بنى صنعت لغاية محددة وهي تحقيق مصلحة فئة قليلة من البشر على حساب الأكثرية، الانخراط في المنظومات التي صنعت لتحقيق غايات فاسدة لا يغيرها من الداخل بل يعزز هذه المنظومات ويعطيها الشرعية ويخدر ضمائر المصلحين إذ يقنعهم بأنهم يفعلون شيئاً!
لا يجوز قبول المنظومة الطاغوتية بحجة أن لها إيجابيات يمكن تعزيزها وسلبيات يمكن معالجتها، وجود هذه المنظومة التي تسحق كرامة البشر هو السلبية التي تبتلع أي إيجابيات تنجم عنها، وكما أن الإنسان لا تتغير شيفرته الوراثية إذا غيرت أحد أعضائه كذلك المنظومة الطاغوتية، شيفرتها الوراثية القائمة على التسلط والطغيان وزرع الخوف في المجتمع لا تزول إلا بزوالها.
التحرك المطلوب ليس دخول المنظومة الطاغوتية لإصلاحها لأن عفنها سيبتلع كل داخل إليها ويحوله إلى جزء منه. التحرك يجب أن يكون من خارجها ويبدأ ذلك على مستوى الوعي، توعية الناس بتوصيف هذه المنظومة كما هي وتحديد الموقف منها بشكل واضح لا لبس فيه ثم تنظيمهم وتحشيدهم حتى يلفظوها ويستبدلوها بمنظومة رشيدة.
توعية الناس وتنظيمهم وتحشيدهم يحتاج إلى مساحة حرية ولو كانت محدودة لذلك تمنع المنظومات الطاغوتية أي مساحة حرية ولذلك قامت الثورات العربية من أجل الحرية، ما أعظم خسارة مجتمع انتزع مساحة حريته بدماء مئات الألوف من أبنائه ثم ارتضى أن يضيعها بعد ذلك.
(من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان) رواه مسلم
كيف يتغير المنكر بإنكاره بالقلب؟!
العجز عن تغيير المنكر يمكن علاجه مع الوقت ببناء أدوات التغيير لكن شرط ذلك أن يظل اسمه منكراً في قلوبنا وعلى ألسنتنا
قمة النفاق ألا نسمي المنكر منكراً بحجة أن التسمية لن تغير من الواقع شيئاً!
كلام في (المشروع)
لا بد من تحرير مصطلح (مشروع) عندما يذكر في السياق السياسي والوطني فيقال الجهة السياسية أو العسكرية لديها مشروع أو ليس لديها مشروع أو يطرح سؤال بماذا يختلف مشروع هذه الجهة عن تلك؟
المقصود بالـ(المشروع) في السياق أعلاه أمران:
- التصور الذي تحمله هذه الجهة السياسية أو العسكرية عن الدولة السورية المستقبلية وكيفية الوصول إلى هذه الدولة بما في ذلك كيفية مواجهة النظام وكيفية إدارة المناطق التي تقع تحت سيطرتها
- التطبيق العملي الذي تمارسه هذه الجهة إن كان لديها قوة على الأرض، فالممارسات على الأرض هي التي تبين طبيعة المشروع
بعد تحرير مصطلح (مشروع) عندما يذكر في السياق أعلاه، هذه المغالطات الثلاث الأكثر شيوعاً عند استخدام هذا المصطلح:
- اعتبار وجود (مشروع) عند جهة ما أمراً إيجابياً بغض النظر عن طبيعة المشروع! بشار الأسد عنده مشروع وقاطع الطريق عنده مشروع وصاحب بيت الدعارة عنده مشروع
- القول بأن جهة ما لديها مشروع دون وجود وثائق تبين المشروع! نعم الوثائق وحدها لا تكفي، وأحياناً التطبيق العملي يخالف الوثائق، لكن كيف نحكم على مشروع ما إذا لم نقرأ وثائقه وأدبياته وتصوراته، بل كيف نقول عن جهة ما أن لديها مشروع إذا لم لم يكن لديها وثائق مكتوبة تبين هذا المشروع؟
- الحكم على المشروع من خلال ادعاءات أصحابه وليس من خلال ممارساتهم على الأرض. مثلاً، فصيل عسكري يدعي أصحابه أنهم يناصرون الثورة السورية بينما يجيّرون المعابر وغيرها من الممتلكات العامة لصالح فصيلهم وليس للصالح العام، ويحتكرون المشاريع الاقتصادية الكبرى لفصيلهم ومن يدور في فلكه، ويكمون أفواه معارضيهم، وهكذا
كلّفنا هدم جدار الخوف في قلوب ملايين السوريين حوالي نصف مليون شهيد
أي خيانة لدم الشهداء أعظم من أن نسمح بإعادة بنائه مرة أخرى، وتحت علم الثورة!
مجتمع يُقال فيه لمن يجهر بكلمة الحق فيه (الله يحميك) ليس مجتمعاً حراً، المشكلة ليست هنا
المشكلة عندما يبرر بعض الثوار هذا الوضع ويدعون إلى التطبيع معه ويعتبرون ذلك قمة (الواقعية) والفهم السياسي
هؤلاء برأيي يئدون ثورتهم بأيديهم ويصنعون طواغيتهم الجدد الذين سيأخذوننا إلى الهزيمة في مواجهتنا مع الطاغوت الذي ثرنا عليه
المجتمع الخائف المقموع وصفة هزيمة مؤجلة وإن حقق بعض المكاسب المؤقتة، ونظرة خاطفة إلى الجملكيات العربية التي انهارت في العقدين الماضيين من العراق إلى ليبيا إلى سورية إلى اليمن ترينا كيف انتهت انجازات (الأب القائد) الذي بسط الأمن والأمان
صدق من قال: تعريف الخبل أن تتوقع من المقدمات ذاتها أن تؤدي إلى نتائج مختلفة!
السوري العبد الذليل الخائف هو ما تريده قوى الطغيان في العالم، السوري الذي يرتجف خوفاً من مخابرات الأسد أو قوات الإدارة الذاتية أو أمنيي الجولاني أو عناصر أبو عمشة أو غيرها من قوى الأمر الواقع في أي بقعة على الأرض السورية، هو السوري الذي تسهل قيادته وتقديمه قرباناً على مذابح الزعماء تحت شعارات براقة وطنية كانت أم قومية أم دينية أم ثورية
أما السوري الذي قامت الثورة من أجل أن يُبعث كالعنقاء من تحت الرماد فهو السوري الحر الكريم الذي لا يركع إلا لله ولا يخاف إلا من الله ولا يعطي الدنية لأحد، هذا السوري هو خميرة المشروع الحضاري القادم الذي سيولد فوق هذه الأرض المباركة بإذن الله
(النخب) التي تدعي أنها مع حرية الشعب وكرامته لكنها لم تصبر على الجهد المطلوب لإخراج الشعب من الفوضى إلى نظام عادل فأخذت تبشر بالاستبداد كخطوة لا بد منها للوصول إلى هذا النظام، بأي منطق ستطلب من الشعب أن يبذل جهداً للخروج من الاستبداد الذي بشرت به؟ وهو جهد أعظم من الأول بكثير!
تختلف وجهات النظر أحياناً بسبب الاختلاف في تقدير المصلحة، على كل طرف هنا أن يدافع عن وجهة نظره بالحجة والبرهان
الحكم على الآخرين بأن ما يدفعهم لإبداء وجهة نظر ما هو كسب مغنم أو دفع مغرم ليس من المحاججة المنطقية في شيء وإنما حكم على النيات التي لا يعلمها إلا الله
بمناسبة الحديث عن المدن التي تُبنى في الشمال لإعادة السوريين المهجرين
مشكور كل من يخرج سورياً من تحت الخيمة إلى بناء يقيه حر الصيف وبرد الشتاء، لكن هذه المدن لن تحل مشكلة السوريين المهجرين
نحن السوريون بشر كبقية البشر لا نرضى أن نُحشر في مجمعات سكنية سواء كانت من خيام أو باطون لنأكل ونشرب ونتكاثر
نحن بشر هُجّرنا من بيوتنا لأننا طالبنا بحقوقنا وكرامتنا، نحن مزارع هُجر من حقله وطبيب هُجر من عيادته وأستاذ هُجر من مدرسته وتاجر هُجر من متجره وصاحب مصنع هُجر من مصنعه وحرفيٌّ هُجر من ورشته، و..و..و
نحن بشر هُجرنا من مشاريعنا في الحياة، من حاراتنا التي تحمل ذكرياتنا، من أهلنا وجيراننا، من أرضنا وجذورنا وتاريخنا
نحن أصحاب حضارة وثقافة وتاريخ نريد أن نعود إلى وطن يحمي حقوقنا وكرامتنا ونمارس فيه إنسانيتنا ورسالتنا الحضارية التي حملها أجدادنا في هذه المنطقة من العالم منذ آلاف السنين
وندرك تماماً أن ذلك لن يتحقق ذلك بوجود نظام بشار الذي دمر سورية وما زال يدمرها وينشر الدمار والإرهاب والمخدرات في المنطقة والعالم
لم يأت أردوغان بشعب من المريخ، الشعب الذي صنع الإنجازات في آخر عشرين عام هو الشعب التركي ذاته الذي تعامل معه القادة الذين سبقوا أردوغان، لكن أردوغان أتى بنظرة جديدة إلى الأتراك
لا شك أن الرجل يحمل صفات قيادية كثيرة، لكن الصفة الأهم برأيي والتي لولاها لما أثمرت صفاته الأخرى هي نظرته إلى الشعب التركي، نظرة الإيمان بالشعب واحترامه ومحبته هي التي أخرجت من هذا الشعب الطاقات الكامنة التي صنعت نهضة تركيا
نظرة الإيمان بالشعب واحترامه نفتقدها عند كثيرين ممن يحسبون أنفسهم (قادة) من السوريين، هم يعتقدون أن عامة الشعب قطيع خلق ليُقاد ويجب ألا يُحسب لرأيه أي حساب بل تنسحب نظرتهم هذه حتى على المجموعات التي يقودونها فيرون أن أفرادها (كمالة عدد) ومتفرجين مهمتهم التصفيق بينما هم الأساس وهم حراس المعبد الذي لا يقوم إلا بهم
أتحدث عن نظرة يحملها بعض من خرجوا في هذه الثورة وليس مؤيدو النظام!
أشبه علم بالسياسة هو علم الفيزياء! كلاهما يعتمد على حسابات القوة المادية المجردة، مكاسبك السياسية تعكس قوتك المادية (العسكرية والبشرية والاقتصادية) على الأرض، حتى القوة الناعمة من إعلام وخطاب وعلاقات لا تفيد إلا بمقدار ما تؤدي إلى كسب القوة المادية الخشنة أو استثمارها بأفضل شكل، ولكن .. ماذا عن الأخلاق ومكانها في حسابات السياسي؟ الأمر مرتبط بغاية من يمارس السياسة، فالسياسة ليست غاية بحد ذاتها وإنما هي وسيلة أو أداة لتحقيق غاية ما، تماماً كما الفيزياء هي وسيلة لصناعة سيارة لكنها لا تحدد الغاية التي من أجلها ستُستخدم هذه السيارة
تغيب الأخلاق عن حسابات السياسي عندما تكون غايته المجد الشخصي والمنصب والجاه وحب السلطة، وتحضر الأخلاق في حساباته عندما تكون غايته رفع الظلم وإحقاق العدل وتكريم الإنسان
في الفصل السادس وتحت عنوان (البطل الذي يمنع فريقه من كسب البطولة!) يتكلم Ken Blanchard في كتابه (سحر العمل الجماعي) عن ظاهرة في فرق العمل تؤدي إلى فشل الفريق وتعطيل طاقاته وهم الأشخاص الذين يهتمون بالبطولات الفردية دون مشاركة بقية أفراد الفريق
يستشهد على ذلك بفريق كرة سلة في إحدى الجامعات كان أداؤه في حالة تراجع مستمر فاستقدم مدير الفريق مدرباً جديداً لتحسين الأداء فكانت أولى ملاحظاته هي أن نصف أهداف الفريق كان يسجلها لاعب واحد فقط مما جعل الآخرين يعتمدون عليه، أوصى المدرب الجديد باستبعاد اللاعب (البطل) مؤقتاً ليتاح للاعبين الآخرين تطوير مهاراتهم ومشاركتهم في تسجيل الأهداف، حالف الحظ المدرب لأن هذا اللاعب اعتذر عن المشاركة في مباريات الدوري لهذا العام بسبب رسوبه في بعض المواد واضطراره إلى التفرغ للدراسة
في البداية شعر أعضاء الفريق بالهلع وظنوا أن أداء الفريق سيتراجع لأن من كان يسجل نصف الأهداف غادرهم، استغل المدرب الجديد الفرصة ليرفع من مهارات الفريق ويزيد من ثقتهم بأنفسهم ويريهم أن بإمكانهم جميعاً أن يزيدوا قدرتهم على تسجيل الأهداف، وهكذا تحسن أداء الفريق واستطاع لأول مرة في تاريخه أن يصل إلى النهائي في دوري الجامعات
لا تلعن الظلام ولا تشعل الشمعة
فقط توقف عن تسميته نوراً ومهاجمة كل من يسمونه ظلاماً
يتقدم الفجار عندما يتراجع الأخيار بحجة أنها (مرحلة حرق) يحافظون فيها على أنفسهم لمراحل أخرى
وهكذا يُترك الشعب في الأوقات الحرجة ليواجه مصيره وحيداً، معلّقاً بين خيارات بائسة، حاصره بها الانتهازيون والمغامرون، مفتقداً أولئك الرجال الذين لا يدلون الناس على طريق الخلاص بطرف إصبعهم من بعيد، بل يشقون هذا الطريق مع الناس بعرقهم ودمهم
كما أن الله لا يخلق غصناً لا يقدر على حمل ثماره، لن يلهمك السير في طريق لا تقدر على حمل أعبائه
(إيصال الرسالة هي مسؤولية المرسل وليس المتلقي)
هذه أهم قاعدة في مهارات التواصل، يعني إذا عبرتُ عن فكرتي بطريقة ما فأساء الآخرون فهمي، هذه مسؤوليتي وعلي أن أعيد التعبير عنها بطريقة مختلفة حتى تصل إلى الآخرين، لا أن أستمر بالتعبير عن فكرتي بالطريقة ذاتها وأستمر باتهام الآخرين بإساءة الفهم!
عندما (يُساء) فهم شخص بشكل متكرر ويفشل بإيصال فكرته إلى أكثرية من حوله وهم من البالغين العاقلين هناك ثلاث احتمالات:
- إما أنه عيٌّ لا يحسن التعبير وهنا عليه أن يتوقف عن الكلام حتى يطور مهاراته في التعبير عن نفسه والإفصاح عن أفكاره
- أو أن الفكرة غير واضحة عنده، وبالتالي الالتباس الذي يحدث عند الآخرين هو نتيجة التباس الفكرة في ذهنه، وهنا أيضاً عليه أن يتوقف عن الكلام حتى تتضح الفكرة عنده أولاً
- الفكرة واضحة عنده وهو يريد إيصالها لمن تصل إليه، لكنه يناور ويراوغ مع المعترضين عليها!
أنا من مدرسة في السياسة تقول إن العلاقة بين المبادئ والمصالح علاقة طردية، مزيد من الصدق والعدل واحترام الكرامة الإنسانية يحقق مزيداً من مصلحة البشر
التنكب عن المبادئ قد يحقق مصلحة بعض الناس لبعض الوقت، لكن التمسك بها يحقق مصلحة كل الناس كل الوقت ولو بعد حين ولو تطلب بعض التضحية كمن يضحي بحريته في سبيل الدفاع عن كرامة الناس أو يضحي بمنصب وجاه في سبيل عدم السير في ركاب الظالمين
الوصوليون والانتهازيون ومحبو الظهور وراكبو الأمواج يعتبرون هذه المدرسة نوعاً من اللاواقعية والمثالية الحالمة
لهم دينهم ولي دين!