الجيش الحر: وحدة الصف وأخلاق الفرسان
ليس هناك أرفع نفساً وأشرف خُلُقاً وأطهر قلباً ممن حمل روحه على كفه، وانضم إلى كتائب الحق يدفع العدوان عن أهله ويمد جسده جسراً يعبر عليه المظلومون إلى وطن الحرية والكرامة. لقد سجل أبطال الجيش الحرّ من ملاحم البطولة والشجاعة والفداء ما لا يوجد له شبيهاً في صحائف التاريخ وفاقت بطولاتهم كل ما نعرفه من قصص الفرسان ومآثر الشجعان، وأثبتوا أن لا قوة في الكون تهزم قوة الحق والإيمان، عندما تتجلى في رجال باعوا أنفسهم لله وآثروا الشهادة في ساحات العزة والكرامة على العيش الذليل في كنف الطغاة المجرمين
إن من أوجب واجباتنا اليوم أن نقدم للجيش الحر كل أشكال الدعم المادي والمعنوي، وفي حين ذهب البعض إلى تقديس هذا الجيش واعتبار أي نقد له من المحرمات، استغل آخرون أخطاء بعض أفراده للتشهير به والنيل من سمعته، وكلاهما أساء للجيش الحر، فرجاله يعملون في أصعب الظروف وهم بشر مثلنا يخطئون ويصيبون، وهم مثل كل البشر يحتاجون إلى من ينصحهم، لا إلى من يقدّسهم أو يشهّر بهم
إن من أكبر التحديات التي تواجه الجيش الحر اليوم هو التنسيق بين كتائبه وتوحيد قياداته فهو يواجه جيشاً منظماً يفوقه عدداً وعدة، ولا يمكن تعويض هذا التفاوت في القدرات إلا بتوحيد الصفوف والتنظيم الدقيق والتخطيط السليم. صحيح أن الظروف الميدانية والأمنية وصعوبة الاتصالات تعيق هذه العملية، لكن الثوار استطاعوا في كثير من المناطق أن يتغلبوا على هذه الظروف وأن يضموا المجموعات الصغيرة في مجموعات أكبر وأن يوجدوا قيادات مشتركة، هذا الجهد يجب أن لا يتوقف في كل محافظة على حدة وبين كل المحافظات، فكلما ارتفعت وتيرة التنسيق بين الكتائب المقاتلة ازدادت فعاليتها وتمكنت من تحقيق الانتصارات
ومن التحديات التي يواجهها الجيش الحر أيضاً الالتزام بأخلاق الثورة وروحها في عمل الكتائب وممارساتها، مهما أوغل النظام في إجرامه ووحشيته. فالثورة قامت من أجل الحق والعدالة والكرامة الإنسانية، ولا يجوز تحت أي مبرر أن تكون ممارسات الجيش الحر مماثلة لممارسات النظام وشبيحته، بوصلتنا في ذلك أخلاقنا الأصيلة وديننا الحنيف كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم «اغزوا ولا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا» وكما أوصى أبو بكر الصديق أحد المجاهدين «لا تقتلوا صبياً ولا امرأة ولا شيخاً كبيراً ولا مريضاً ولا راهباً ولا تقطعوا مثمراً ولا تخربوا عامراً ولا تذبحوا بعيراً ولا بقرة إلا لمأكل ولا تغرقوا نحلاً ولا تحرقوه».
إن هذا النظام ساقط لا محالة، وكل ما نرجوه من جيشنا الحر الذي تهتف له حناجر السوريين في كل مدينة وقرية، أن يساهم في حماية جميع السوريين بعد سقوط النظام بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية والطائفية والمناطقية والعرقية، وأن يلعب دوره في الحفاظ على البلاد من التفكك والاقتتال الداخلي، وأن يصبح جزءاً من الجيش النظامي الذي لن يتدخل في الحياة السياسية في سورية الجديدة وستكون مهمته حماية الحدود، وتحرير الجولان، وصيانة وحدة البلاد واستقلالها وأمنها
19/7/2012.