إلى ثوار دمشق بهجة الحياة وزينتها
كنتم قبل الثورة أشخاصاً عاديين .. تحلمون بشهادة جيدة وعمل محترم وأسرة سعيدة .. فلما أذن مؤذن الحرية .. وهبت نسائم الكرامة .. ونادى منادي العزة.. اشتعلت قلوبكم بنار الثورة فأشعلتم شوارع دمشق وحاراتها بنار هتافاتكم .. تكبرون بقلوبكم الفتية العامرة بالإيمان لا بألسنتكم فيهتز قصر المهاجرين رعباً، لأنه يعلم أن دمشق تظهر له غير ما تخفي، وأنكم أنتم حقيقة دمشق وجوهرها، وأن شجاعتكم تنتقل بالعدوى، وأن بطولتكم تنتشر كالنار في الهشيم فتجلو قلوباً علاها صدأ الخوف وتحيي نفوساً أماتها الركون إلى الظالمين
فدتكم نفسي يا ثوار دمشق وثائراتها وأنتم تتحدون الرصاص بصدوركم العارية، وتطاردون الموت في الأزقة والحارات وهو يهرب منكم! أبيتم أن تكون مدينتكم عاصمة للصمت فهتكتم صمتها بشجاعة
قل نظيرها في تاريخ الإنسانية، شجاعة من وثق بنصر الله، ورأى الأذى في ساحة العز أحلى بألف مرة من السلامة في أوكار الذلِّ والهوان
لله دركم يا ثوار دمشق وثائراتها، يا أزهار الغضب المتناثر في شوارع دمشق المحتلة، تركتم عقد (الكبار) وفلسفتهم وراء ظهوركم، تلك الفلسفة التي أباحت دمشق للظالمين عقوداً من الزمن، عندما سمّت الجبن حكمة والخور عقلانية والذل حذراً، وانطلقتم كانطلاقة الحياة بعفويتها ونقائها وصدقها لتثبتوا أنكم أنتم الكبار حقاً بأفعالكم لا بأقوالكم
يا حرائر دمشق وأحرارها .. منكم من يشجعه أهله على الخروج .. ومنكم من يغضون عنه الطرف .. ومنكم من يخرج خفية عنهم .. لكنكم جميعاً أبناء كرام من صلب كرام .. وسيفخر بكم آباؤكم فخراً ما بعده فخر، وسيفخر بكم أبناؤكم وأحفادكم وأحفاد أحفادكم وسيتوارثون قصص بطولتكم جيلاً بعد جيل .. فبوركت الأرحام التي حملت، وبوركت البيوت التي ربت على الشجاعة والبطولة أحفاد خالد وطارق وخولة ويوسف وصلاح الدين
أيتها الأحرار والحرائر .. تعرضون أنفسكم للموت لكي يحيا وطنكم، وللسجن والتعذيب لكي يعيش باقي السوريين أحراراً آمنين، لا ترجون جزاء ولا شكوراً .. إن دمشق اليوم تزهو بكم وتختال، فمن شموخكم يستمد قاسيون شموخه .. ومن تدفق عزيمتكم يستمد بردى تدفقه .. ومن بياض قلوبكم يستمد الياسمين الدمشقي نصاعة بياضه .. ومن جمال أرواحكم يستمد الفلّ الشامي جماله وعطره
يا أحرار دمشق وحرائرها .. لا يقلق على مستقبل سورية إلا كل أعمى لا يرى الإصرار في قسماتكم .. والتحدي في هاماتكم .. والحياة في عيونكم .. أيُّ رجال ستحمل أرحامكن أيتها الحرائر، وأيُّ أبطال سيتربى في أحضانكم أيها الأحرار، وأي جيل عملاق ستخرجه مدرستكم يا أساتذة العزة والكرامة .. وأي سورية ستبنيها سواعدكم الأبية ونفوسكم الجبارة وعزائمكم التي لا تلين
4/5/2012