خواطر 2016-2
ليست عشرين ثانية عبر الفيس تايم هي ما حركت الملايين بل عشرين عاماً من التخطيط والعمل والإنجاز قائمة على الإيمان بالإنسان التركي وجدارته وإمكانياته. فلنتوقف عن جلد الذات والتقريع المستمر للسوريين (السوريون كذا والسوريون كذا)، لنؤمن بهم ولنستحث هممهم حتى يتجاوزوا سلبياتهم وواقعهم الأليم. القائد الحقيقي يؤمن بالناس قبل أن يتوقع منهم أن يؤمنوا به ويستجيبوا له
ما يحرك الناس للدفاع عن حكم ما هي المكتسبات المادية والمعنوية التي وفرها لهم، التيارات والأحزاب السورية التي تتشكل اليوم في الخارج وتريد فرض نفسها من فوق لن يكتب له النجاح مهما بلغت مكانة القائمين عليها إلا إذا وفرت للناس فوائد ملموسة وقدمت لهم إجابات على أسئلة الواقع وتحدياته
أن نتوحد تحت علم الثورة وأن نتجاوز خلافاتنا في مواجهة ما يهدد ما يرمز إليه هذا العلم هو ليس اجتهاد سياسي أو رأي خاضع للنقاش بل هو أمر مصيري يرتبط به وجودنا كشعب فضلاً عن استقرار بلادنا ورخائها مستقبلاً
طريقتان لسحق إرادة شعب، تتعاضدان زمن الثورة: طائرة تلقي حممها على من يطالب منه بالعيش بحرية وكرامة، وقلم يخبره ليل نهار وبألف طريقة وطريقة أنه ليس مؤهلاً للعيش بحرية وكرامة. لست حالماً، لكن إيماني بروعة الخلق مستمَدٌّ من إيماني بروعة الخالق، آمنوا بالناس حتى يؤمنوا بأنفسهم
نحن نعيش بين زمنين، زمنٍ يولي مسرعاً وزمنٍ لما يأت بعد. صحيح أن الزمن الذي تفرض فيه شعوب المنطقة إرادتها لما يأتِ بعد لأن تجربة هذه الشعوب في التحرر ما زالت في بدايتها، ولأنها مشغولة بمواجهة المحاولات الشرسة لوأد نهضتها. إلا أن الزمن الذي تُفرض فيه إرادة الآخرين على شعوبنا يولّي مسرعاً بعد ثورات المشرق الذي عاف هوانه الطويل. زمن الإرادات التي تُفرض على الشعوب رغماً عنها نتيجة تفاهمات بين الزعماء في غرف مغلقة يضمحل ليصبح جزءاً من الماضي، وما زال يعيش في الماضي من ينتظر المخلص الفرد الذي سيتفوق (ذكاؤه وبعد نظره) على (غباء الأكثرية وقصورها مخلص المستقبل) هو الفرد أو الجماعة التي تعرف كيف تستثمر روح الثورة والتحرر التي دبّت في منطقتنا لتمكن شعوبها من رفع وعيها والتعافي من أمراضها وتنظيم صفوفها وتوحيد رؤيتها لتصبح قادرة على فرض إرادتها. هو طريق وعر وشاق لكن لا بد من عبوره لمن آمن يوماً أنه ينتمي إلى أمةٍ تستحق العيش الكريم
المجتمع الدولي) هو الخصم الذي نريده أن يكون حكماً. في عالم تسوده لغة القوة سنظل نستجدي رد دمائنا من سافكيها إلى أن ينهض هذا المشرق ويشكل تكتلاً سياسياً وعسكرياً واقتصادياً يحمي شعوبه من استعلاء المستكبرين في الأرض وازدواجية مواقفهم هذا التكتل لا يصنعه عبيد. الممر الإجباري شعوب حرة منعتقة من إسار الطواغيت
الذين يرون أنفسهم منذ البداية طرفاً ثالثاً في هذا الصراع لينظموا صفوفهم وليختاروا من يمثلهم ليعبر عن مصالح هذا الطرف. إذا عجزوا عن ذلك لأن النظام يمنعهم من أي نشاط سياسي مستقل في المناطق التي يعيشون فيها والتي تقع تحت سيطرته فهذا المنع هو سبب قيام الثورة التي يقولون كان يجب ألا تقوم. وإن عجزوا عنه بسبب عدم قدرتهم على عمل جماعي منظم يجمع كلمتهم فلينصرفوا إلى معالجة تفرقهم أولاً بدلاً من الحديث المستمر عن تشتت المعارضة. خلاصة القول: ما أسهل الردح والانتقاد، وما أشق العمل وأن يلزم الإنسان نفسه بما يعيب الآخرين به
أحد أهداف ما تخرجه مراكز الدراسات الغربية إلى العلن هو تهيئة الرأي العام لما تدعو إليه. وهو أمر تزداد فرص نجاحه بمقدار ما يعتقد من يتلقون نتائج هذه الدراسات أنها قدر لا يمكن رده. لم تنجح مراكز الدراسات الغربية في التنبؤ بسقوط الاتحاد السوفيتي وفوجئت بالثورات العربية التي لم تتوقعها يوماً، هذه المراكز ليست كلية المعرفة وصانع القرار الذي (قد) يعمل بمقترحاتها ليس كلي القدرة فكلية المعرفة والقدرة ينفرد بهما رب السموات والأرض جيلي والجيل الذي سبقني تربى على فكرة (عمو نحنا أحجار شطرنج بيتحكموا فينا متل ما بدهن) فكانت حالة العجز والاستسلام التي أوصلتنا إلى ما نحن عليه إلى أن جاء جيل الثورة نعم يجب أن نطلع على آخر ما تنتجه مراكز الدراسات الغربية ولكن بعقلية من يستعد لمواجهة ما يفكرون به لا بعقلية من يسوق للعجز والاستسلام.وبشار لكنها مسألة وقت حتى يخرج الغليانُ ما تبقى من خبث والله غالب على أمره
كنا نتوهم أنه يكفي أن نكون الأكثرية لندفع عن أنفسنا خطر الفناء. وعندما كان الآخرون يصلون الليل بالنهار مكراً وحشداً لحقد يلزمهم ساعة الصفر كنا ننام في العسل ونحقق الإشباع الأخلاقي ذاتياً بممارسة عادة (التسامح اليوم استيقظت غريزة البقاء فينا وبدأت صناعة رجال لا يولدون إلا في ساح الوغى ومراكمة خبرات لا تُصقل إلا تحت أزيز الرصاص. لتكون لنا قوة نحمي بها وجودنا، وجودنا الحقيقي هذه المرة كأمة لا يمكن أن تؤدي رسالتها الحضارية ما لم يعش أفرادها أعزة ًكراماً
يقول المجرّب: عانيت من العرَض كذا فاستخدمت العلاج كذا فشُفيت يقول الحكيم: يظهر هذا العرَض في مئة مرض والمرض الواحد يُعالج بمئة طريقة وما يكون علاجاً في حالة قد يضرُّ في حالة أخرى
التعلم من أخطاء الماضي لرفع فرص النجاح ومراكمة شروط الانتصار في المستقبل عملية يجب ألا تتوقف، والتحديات الأساسية التي تواجه ثورتنا أصبحت واضحة: داخلياُ ضعف القيادة وغياب المشروع الوطني، وخارجياً بطش العدو وخذلان الصديق
إن كان لأحدنا في دائرة تأثيره ما يمكن أن يفعله أو يقوله للمساهمة في مواجهة هذه التحديات فليفعل أوفليقل، وإن أراد نفث ما في صدره من مشاعر سلبية فلينفثها دون تثبيط إذا كانت الأماني الخادعة التي لا تستند إلى عمل هي دعوة إلى انتصار مستحيل، فإن القنوط المثبّط الذي لا يرى الجدوى في أي عمل هو دعوة إلى هزيمة أكيدة
الثورة هي صراع بين المجتمع والسلطة خارج الأطر الدستورية. تندلع الثورات عندما تبتلع السلطة الدستور كما فعل حمار المختار في ضيعة تشرين، فلا تعود هناك دولة وإنما حاكم بأمره يقود حكاماً صغاراً بأمرهم يفعلون بالمجتمع ما يشاؤون وهكذا كان، فأصغر ضابط أمن لدى النظام لا يستطيع أكبر قاض أن يحاكمه إلا بموافقة ضابط أمن أعلى منه تُهزم الثورة عندما ينحسم الصراع لصالح السلطة ويعود المجتمع خانعاً كما كان، سواءً للسلطة التي ثار عليها أو لسلطة أخرى تشبهها بهذا المعنى فإن الثورة السورية لم تنتصر بعد لكنها لم تُهزم كما يحلو للبعض أن يعلن. ما زال فيها كمون هائل لم يُطلق وفرصٌ عظيمة لم تُستثمر وأي انتقاد لهذه التجربة البشرية غير المنزهة عن الأخطاء يجب أن يصب في اتجاه إطلاق هذا الكمون واستثمار هذه الفرص تنتهي الثورة عندما ينتهي الثائرون
من يقول أن هزائمنا مستمرة لا يمكن إيقافها وأن لا شئ يمكن أن نفعله حتى نستحق النصر وأن لا فائدة من المراجعات وأن لا حياة لمن تنادي فهو كالنظام لا يؤمن بأهليتنا للعيش الكريم وهو يدعونا للعودة إلى حضن النظام .. عرف ذلك أم لم يعرف