القبول ببقاء بشار في المرحلة الانتقالية، هل هو الحل؟
يرى البعض في القبول ببقاء بشار في المرحلة الانتقالية مخرجاً من حالة الاستعصاء التي وصلنا إليها. حجتهم أن ذلك سيخفف من القتل والحصار والتشريد الذي يتعرض له الناس الذين (تعبوا) ولم يعودوا يطيقون المزيد، وأن رفض ذلك سيدفع الروس إلى (الحل العسكري) وبالتالي نكون قد خسرنا ما يمكن أن نحصّله سياسياً بما بقي لنا من أوراق قوة، وأن بقاء بشار ليس مهماً إذا تم التركيز على إعادة هيكلة أجهزة الأمن وإطلاق الحريات فإذا تحقق ذلك أصبح بقاء بشار من عدمه تفصيلاً بسيطاً لا يستحق التوقف عنده
لنفترض أن الوفد السياسي الذي يفاوض باسم الثورة السورية قبل بتوقيع اتفاق يتضمن بقاء بشار في المرحلة الانتقالية. هذا يعني أن أهل الثورة من خلال من يمثلونهم سياسياً اعترفوا بشرعية بشار وهذا يعني تبرأته من الجرائم التي ارتكبها فهو كان يقوم بواجبه كرئيس شرعي في مواجهة الخارجين على الشرعية ويعني أيضاً إقرار أهل الثورة بالمسؤولية عما حل بالبلد من دمار كونهم هم من بدأوا الخروج على سلطة شرعية. هذا الإقرار له تبعاته السياسية والقانونية ولا معنى هنا للقول: إننا نعترف بشرعية واقعية لا سياسية، الشرعية الواقعية تتحول إلى سياسية بمجرد الاعتراف بها وهكذا تتم شرعنة الجريمة من أجل تمريرها تماماً كمن يغتصب امرأة ويجبرها على توقيع عقد زواج معه
سيكون على الأطراف العسكرية المعارضة التي قبلت بشار رئيساً في مرحلة انتقالية أن تقبل الانخراط تحت قيادته في محاربة الإرهاب، وسيكون على الحاضنة الشعبية للثورة التي قبلت بذلك أن تتخلى عن أي نشاط احتجاجي يتحدث عن جرائمه ويطالب بإسقاطه. باختصار نحن أمام استسلام كامل وحالة رضوخ وانكسار لا وجود فيها لمعنى التسوية والحل السياسي
إن الحديث عن إصلاح الأجهزة الأمنية وإطلاق الحريات بوجود بشار هو فنتازيا لا تستحق النقاش، أما عن تعب الحاضنة وقدرة النظام على حسم عسكري فلو استطاع النظام اقتحام ما بقي من مناطق محررة لما رضي باتفاق خفض التصعيد، ولو استطاع استعادة بقية المناطق بالضغوط والإغراءات كما فعل في مناطق المصالحات لما رضي باتفاق خفض التصعيد، ولو بلغ التعب بملايين المهاجرين والنازحين أنهم يرضون العودة تحت حكمه لعادوا إلى مناطقه فلا أحد يمنعهم من ذلك والنظام سيكون أول المشجعين. إن كل خيمة يتحمل ساكنوها ذل اللجوء في دول الجوار أو خطر القصف في المناطق الخارجة عن سيطرته هي عنوان رفض لبشار
اتفاقيات خفض التصعيد هي ثمرة صمود وليست علامة هزيمة ويجب البناء عليها لتحقيق مكاسب سياسية من خلال نظمها في اتفاق واحد وتوحيد الجهة المفاوضة باسم الثورة فلا تنقسم بين أستانة وجنيف وبين فصيل يذهب إلى أستانة وآخر يرفض
إن التسويق للقبول ببقاء الأسد وقوى الثورة على ما هي عليه من فرقة سيساهم في تعزيز هذه الفرقة ولن يحل المشكلة لأنه لا يعالج سببها. ليس سبب الاستعصاء الذي وصلنا إليه هو رفض بقاء الأسد ليكون الحل في القبول بذلك. السبب هو فشل الثورة حتى الأن في إيجاد قيادة واحدة تدير معركتها السياسة والعسكرية باقتدار، وهذا ما يجب أن تتجه إليه الجهود مستفيدة من تراكم التجارب وتصاعد التأييد الشعبي في حاضنة الثورة لهذه الخطوة الواجبة
ياسر العيتي