الأساطير الستة المؤسسة لعمل المعارضة السورية
- أسطورةالحل المفروض: المجتمع الدولي سيفرض حلاً ما وعلينا المشاركة مهما كان الحل الذي سيُفرض لكي لا نصبح خارج اللعبة.
يسمى الحل (حلاً) بدلالة المشكلة التي يعالجها. المشكلة في سوريا التي أدت إلى قيام الثورة هي تفرد مجموعة ضئيلة من السوريين بالسلطة والثروة والقرار وإقصائها لبقية الشعب. عندما يسكت المجتمع الدولي على جرائم النظام، ويمنحه الفرصة لقتل وتهجير من ثاروا عليه وتدمير حواضرهم بالكامل، ثم يعمل من خلال مبعوثه الدولي على حرف القرارات الدولية التي تلزم النظام بالانتقال السياسي ليصبح المطلوب منه مجرد تعديل دستوري وانتخابات في ظل (بيئة آمنة) يملك النظام هامش مناورة في تحديد مفهومها أكثر بكثير من الهامش الذي كان يملكه في تحديد الانتقال السياسي فهذا ليس حلاً، هذا إخضاع بالقوة، وهو ما يطبق على السوريين منذ أول يوم في الثورة. ما تفعله المعارضة هي أنها تعطي هذا الإخضاع بالقوة الشرعية بتسميته حلاً. وهو لن يصنع استقراراً ما دامت عوامل تفجر الثورة السورية قائمة. يستطيع النظام والمجتمع الدولي أن يفرضوا حلاً عسكرياً أما الحل السياسي فلا يمر دون إرضاء نصف السوريين الذين ثاروا على النظام ولا يلوح في المسار الحالي ما يشير إلى نية المجتمع الدولي في إرضائهم وتحقيق مطالبهم بل المؤشرات تدل على الرغبة في الالتفاف على هذه المطالب ووضع السوريين تحت الأمر الواقع بقوة السلاح.
- أسطورة المقعد الشاغر: يجب الذهاب إلى أي اجتماع يفرضه المجتمع الدولي أو الدول الفاعلة في الشأن السوري لأن شغل المقعد في هذا الاجتماع أفضل من بقائه شاغراً.
لولا الحاجة إلى ملء المقاعد الشاغرة ممن (يمثلون الثورة) لما ضغطت الدول على المعارضة للمشاركة في مؤتمرات لا تصب بالضرورة في مصلحة السوريين. المصلحة يجب أن تكون البوصلة وليس ملء المقعد. اذا لم يغلب الظن على أن ملء المقعد يمكن أن يحقق مصلحة فتركه شاغراً هو الأفضل. المقعد الشاغر قد يعطل المسار بأكمله وهذا هو المطلوب عندما يكون المسار في غير مصلحة السوريين.
- أسطورة إحراج النظام: عندما يتعنت النظام نقدم التنازلات لنحرجه ونثبت أنه هو من يعطل الحل وعندما يتعنت أكثر نتنازل أكثر لنحرجه أكثر.
النظام الذي قتل وما زال يقتل مئات ألوف السوريين أمام أنظار العالم لا يحرجه شئ. تنازلات المعارضة لا تحرج النظام وإنما ترفع الحرج عن المجتمع الدولي لكي لا يضغط على النظام ليقدم التنازلات المطلوبة فلن يكون المجتمع الدولي ملكياً أكثر من الملك. ومن عجائب الأمور أن الجهات التي لم تضغط على النظام لتلزمه بالتفاوض حول الانتقال السياسي هي ذاتها الجهات التي تتوقع منها المعارضة أن تضغط على النظام لتلزمه بـ (البيئة الآمنة) والتي تتطلب من النظام تنازلات أكثر بكثير من مجرد التفاوض حول الانتقال السياسي.
- أسطورة الثورة لكم والسياسة لنا: الرأي الثوري العام الرافض للمسار الذي نمضي فيه يعبر عن حالة ثورية عاطفية، أما السياسة فتحتاج إلى العقلانية السياسية فانشغلوا بالثورة وشعاراتها ودعوا السياسة لنا نحن معشر السياسيين.
يحتاج من يتبنون هذه الأسطورة إلى بعض التواضع. المعارضة الحالية لم تمارس السياسة من قبل. مجرد معارضة النظام قبل الثورة ليس ممارسة للسياسة بل يندرج ضمن النضال السياسي وهو أمر تُشكر المعارضة عليه. السياسة بمعنى تشكيل الأحزاب وبناء التحالفات وإدارة الصراعات لم يمارسه أكثر من يتصدون للمشهد السياسي في المعارضة، هم يجربون وادعاء الخبرة السياسية غير صحيح فلا يوجد سجل انجازات سياسية يدعم هذا الادعاء.
- أسطورة التفاوض عن طريق الكلام: أساس العملية التفاوضية هو الكلام الذي يتم على طاولة المفاوضات.
التفاوض من غير أوراق قوة هي تمثيلية تصب في صالح الأقوى على طاولة المفاوضات. الجلوس مع ممثلي الدول وعرض مطالب السوريين عليهم هو الجزء الأسهل من العمل السياسي. الجزء الأصعب هو بناء أوراق القوة التي ترغم الطرف الآخر على قبول هذه المطالب وأهم ورقتي قوة هما: الشرعية الشعبية وتوحيد القرار العسكري وربطه بقرار المفاوض السياسي وهذا يحتاج إلى عمل جبار على الأرض مع المدنيين والعسكريين أدى تقصير المعارضة فيه والتركيز على علاقتها مع الدول إلى المشهد الحالي المشتت ممثلاً بتعدد الوفود المفاوضة والبعد عن القواعد الشعبية.
- أسطورة بطلان الرفض الذي لا يقدم بديلاً: من يعترض علينا يريدنا أن نرفض كل شيء دون أن يقدم بديلاً لذلك اعتراضه مرفوض.
فضلاً عن أن رفض السير في الطريق الخاطئ هو بديل بحد ذاته، إيجاد البدائل ليست
مهمة الشعب الثائر. هذه مهمة السياسيين الذين تصدوا لتمثيله فهم من يفترض فيهم امتلاك الخبرة السياسية والعلاقات التي تمكنهم من صناعة البدائل التي تحقق إرادة الشعب والتحول من منفعلين بما يعرض عليهم من اقتراحات من المبعوث الدولي وغيره إلى مبادرين وفاعلين في العملية السياسية.