cover

اللجنة الدستورية والفرصة قبل الأخيرة!

لا أعتقد أن هناك أي فرصة لتحقيق الانتقال السياسي الذي ثار من أجله السوريون من خلال ما يسمى (اللجنة الدستورية) التي سماها الدكتور برهان غليون (لجنة تزوير الدستور) بل هي استمرار في إضاعة الفرص الهائلة التي اقترفتها المعارضة طوال السنوات الماضية.

ضيع الائتلاف السوري فرصاً هائلة عندما حاز على شرعية دولية نادرة كان بإمكانه أن يضيف إليها شرعية داخلية ليصبح رقماً صعباً لا يمكن تجاوزه.

كان بإمكان الائتلاف اكتساب الشرعية الداخلية  عبر الوصول المنهجي والمنظم إلى كل السوريين الذين ثاروا على النظام في الداخل والمهجر والمخيمات، كان بإمكانه اكتساب الشرعية الداخلية عبر تشكيل قنوات ثابتة وبرنامج لقاءات مستمر مع الهيئات الثورية والسياسية والمجالس المحلية وممثلي الجاليات السورية في كل مكان، كان بإمكان الائتلاف بدل أن ينشغل باقتسام المناصب وتدوير الشخصيات التي تقوده أن ينشغل بحملة تحشيد وتعبئة شعبية تجعل ظهره قوياً في مواجهة الدول، كان بإمكان قادة الائتلاف أن يجلسوا إلى طاولة المفاوضات وبين أيديهم محاضر عشرات اللقاءات التي عقدوها مع النشطاء والفاعلين والقادة الثوريين والاجتماعيين في الداخل والخارج ليقولوا نحن نمثل هذا الشعب وهذه مطالبه ونحن ملتزمون بتحقيقها، كان بإمكان قادة الائتلاف كلما تعرضوا لضغوط الدول أن يطلبوا من الشعب الذي يمثلونه أن يخرج إلى الشارع بعشرات الألوف رافعاً لافتات تناشدهم التمسك بمطالبه وأن يوقع العرائض بمئات الألوف ولو طلبوا ذلك من الشعب لحصلوا عليه ولتحولوا إلى قادة وطنيين حقيقيين فالشعب يريد قادة ينقلون مطالبه إلى الدول لا وسطاء يسوقون مطالب الدول لتصبح مقبولة من الشعب!

كان بإمكان قادة المعارضة بتأمين الحشد الشعبي اللازم أن يثبتوا على موقفهم في المطالبة بالضغط على النظام ليطبق القرارات الدولية وأولها إطلاق المعتقلين وتشكيل هيئة الحكم الانتقالي وأن يستمروا في تحميل المجتمع الدولي والدول (الصديقة) مسؤوليتها السياسية والأخلاقية في منع النظام من الاستمرار بارتكاب جرائمه والقبول بالانتقال السياسي لكنهم بتنازلاتهم المستمرة من المطالبة بتطبيق 2254 إلى السلال الأربعة إلى الاكتفاء بسلة الدستور رفعوا الحرج السياسي والأخلاقي عن المجتمع الدولي والدول الصديقة، فلماذا يكون هؤلاء ملكيين أكثر من الملك؟

أما الفرص التي ضيعها من تحملوا وزر (مسار أستانة) فقد كان بإمكانهم أن يرفضوا تحويل مسار أستانة من مسار عسكري إلى مسار سياسي، كان بإمكانهم أن يقولوا للأتراك هناك مسار واحد للحل هو مسار جنيف ولن نكون سبباً في شطره إلى مسارين وإضعاف موقف المعارضة السورية، كان بإمكانهم ألا يلعبوا الدور الذي لعبوه في تطبيق (الرؤية الروسية للحل) وا ستدراج المعارضة إليه، كان بإمكانهم أن يفعلوا ذلك وسيجدون الشعب الثائر وراءهم لكنهم لم يفعلوا!

والآن ما الحل؟ الحل هو في العودة إلى الشعب والدخول في حوار حقيقي وجاد مع الرافضين لمسار اللجنة الدستورية، وتحديد كيفية التعامل مع هذه اللجنة بناء على نتائج هذا الحوار. حوار تتم فيه الإجابة على التساؤلات المشروعة عن الكيفية التي ستؤدي فيها هذه اللجنة إلى إزاحة النظام الأمني وإطلاق المعتقلين وعودة المهجرين وتحقيق الانتقال السياسي، حوار يتم فيه الرد على التخوفات المحقة من أن تكون هذه اللجنة دفناً للانتقال السياسي، ومداً لحبل النجاة إلى نظام يغرق يوماً بعد يوم اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً بإعطائه الشرعية كشريك في كتابة الدستور وهو ينتهك  كل دساتير الأرض والسماء في كل لحظة، الرد على التخوفات المحقة من أن تكون هذه اللجنة تمكيناً للنظام من المماطلة وكسب الوقت حتى يقضم المزيد من الأراضي وصولاً إلى استحقاق الانتخابات الرئاسية لتدق عندها المعارضة المسمار الأخير في نعش الثورة السورية بقولها: ليس أمامنا إلا الدخول في الانتخابات إلى جانب بشار، حينها سنُتهم نحن الثوريون الحالمون أصحاب الرؤوس الحامية (الذين ضيعنا كثيراً من الفرص) أننا ندعو إلى تضييع الفرصة الأخيرة!

Share