cover

رسالة إلى السيد هادي البحرة

ياسر العيتي
6-9-2021
ما الذي يمنع المعارضة من القول: نعلن تعليق مشاركتنا في العملية السياسية لأنها لم تحقق مصلحة السوريين ولم تمنع النظام من جرائمه إلى حين إجراء مراجعة شاملة لهذه العملية وإشراك أوسع شريحة من القوى الوطنية في هذه المراجعة، من أجل وضع تصور يحظى بأكبر قدر من موافقة القوى الثورية السياسية والشعبية.
كتب أحد الشباب على صفحته مؤيداً مطلبنا لوفد المعارضة في اللجنة الدستورية بتعليق مشاركتهم فيها رداً على اجتياح النظام لدرعا فرد عليه الأستاذ هادي بتوضيح مفصل أرسله لي الشاب لأخذ رأيي فطلبت منه أن تكون هناك مناظرة علنية حول هذا الموضوع ووعده الأستاذ هادي بالاستجابة عندما تسمح الظروف بذلك، وقد رأيت أن أبدي رأيي في مقولات الأستاذ هادي في هذه الرسالة، إلى أن يأتي وقت المناظرة.
سأذكر رد الأستاذ هادي على شكل فقرات ثم سأذكر تعليقي بعد كل فقرة.
1- رد الأستاذ هادي: النظام أرغم على القبول بالدخول باللجنة الدستورية بسبب الضغوط التي مورست عليه حينها وفق الظروف الدولية والاقليمية في تلك الفترة.
تعليقي:
صحيح أن النظام أرغم على القبول باللجنة الدستورية لكن هذا لا يدل على أن المشاركة في اللجنة الدستورية كانت لمصلحة المعارضة، اللجنة الدستورية تندرج ضمن التفسير الروسي للقرار 2254 الذي تريد روسيا منذ عام 2015 مسخه إلى دستور وانتخابات تعيد تعويم النظام، لذلك دعت روسيا إلى مؤتمر سوتشي الذي كانت اللجنة الدستورية أحد القرارات الناتجة عنه وقد قاطعت المعارضة السورية ممثلة بالهيئة العليا للمفاوضات مؤتمر سوتشي وذكرت في بيان المقاطعة (وتعتبر الهيئة هذه الدعوة ضمن الجهود التي تبذلها موسكو للانفراد بالحل خارج إطار الشرعية الأممية، ونسف الجهود التي يبذلها المجتمع الدولي للتوصل إلى حل سياسي يضمن للشعب السوري حريته وكرامته) ثم عادت المعارضة وقبلت باللجنة الدستورية وهي أحد مخرجات المؤتمر وهذه بدعة عجيبة في السياسة لم تُسبق إليها المعارضة السورية: أن تقاطع مؤتمراً ثم توافق على مخرجاته!
السؤال هنا: لماذا ضغط الروس والدول المعنية بالملف السوري على النظام ليقبل باللجنة الدستورية؟ هل فعلاً لأنهم يريدون إجبار النظام على الدخول في الانتقال السياسي، أم لأنهم يريدون مخرجاً من المأزق الذي وضعهم فيه النظام برفضه التفاوض حول الانتقال السياسي والذي يظهر عجزهم أو عدم رغبتهم في الضغط عليه؟! اللجنة الدستورية تخرجهم من هذا المأزق لأنها توهم بوجود عملية سياسية وتمنح النظام مساحة للمناورة والتهرب أكبر بكثير من المساحة التي يمنحها إياه التفاوض حول بند وحيد وهو الانتقال السياسي، لذلك كان من مصلحة الجميع ما عدا الشعب السوري تشكيل هذه اللجنة، وليس أدل على أن الروس لم يضغطوا على النظام لإجباره على الانتقال السياسي وإنما لشراء المزيد من الوقت وتمييع القرار 2254 وإفراغه من مضمونه، من أنهم لم يضغطوا على النظام ليدخل في نقاش الدستور في الجلسات الخمس التي أضاعتها اللجنة على مدى عامين من 10-2019 وحتى 1-2021 دون أن تدخل في نقاش بند واحد في الدستور، ولم يضغطوا عليه لتأجيل الانتخابات الرئاسية التي يخالف إجراؤها مبدأ اللجنة الدستورية بل اعتبروا الانتخابات شرعية واعترفوا بنتائجها.
أما لماذا رفض النظام اللجنة الدستورية في البداية فهذا بسبب صلفه وتعنته وليس لأن اللجنة ليست في مصلحته أو لأنها في مصلحة المعارضة. النظام في خطابه كان ضد إعادة المهجرين واعتبر خروجهم ( تنظيف للمجتمع) من الإرهابيين والغير وطنيين حسب كلام رأس النظام لكن الروس ضغطوا عليه ليغير خطابه ويقيم مؤتمرين لإعادة اللاجئين في دمشق حتى يكسب الشرعية ولتفعيل موضوع إعادة الإعمار، الروس يضغطون على النظام ليقبل أموراً في مصلحته لا يقبلها من دون ضغط بسبب عنجيته وغبائه.
2- رد الأستاذ هادي: نتيجة لذلك يسعى النظام بكل جهد لتعطيل أعمال اللجنة وإعاقتها عن ممارسة مهامها، لأنه يعلم حقيقة ما وقع عليه مرغماً حيث سحبت اللجنة صلاحيات خرقت وخالفت ما جاء في دستور النظام لعام 2012 وبالذات سحبت صلاحيات من رئيس الجمهورية ومن مجلس الشعب، تؤثر على كينونة النظام نفسه.
تعليقي:
اللجنة لم تسحب أي صلاحيات من النظام بل أعطته صلاحيات لم يكن يملكها قبل تشكيل اللجنة الدستورية.
المعارضة بقبولها للجنة الدستورية تراجعت سياسياً وقانونياً من كونها وفد يفاوض النظام وفق مرجعية دولية واضحة هي القرار 2254 إلى مجرد فريق من ثلاث فرق هي النظام والمعارضة والثلث الذي حددته الأمم المتحدة يجلسون مع بعضهم البعض في لجنة صياغة مشتركة، هناك فرق شاسع سياسياً وقانونياً بين وفدين يتفاوضان وثلاث فرق تعمل معاً ضمن لجنة صياغة مشتركة، المعارضة بقبولها المشاركة في اللجنة الدستورية لم تسحب أي صلاحيات من النظام بل أعطته الشرعية السياسية بالموافقة على مشاركته في كتابة الدستور، وهذا التنازل الخطير تم دون أي مقابل!
وأغرب ما جاء في ردكم أستاذ هادي قولكم: إن اللجنة الدستورية تؤثر على كينونة النظام نفسه! أليس النظام جزءاً من هذه اللجنة ولا يمكن أن يخرج أي قرار منها إلا بموافقته؟ هل سيوافق النظام على مخرجات تؤثر على كينونته وتسحب الصلاحيات منه؟! ومن سيجبره على ذلك؟ الدول التي لم تستطع إجباره على إيقاف الاعتقال والقتل في السجون فضلاً عن إجباره على إطلاق معتقل واحد؟!
3- رد الأستاذ هادي: لا مخرج للنظام من هذا المأزق إلا بدفع قوى الثورة والمعارضة للانسحاب من اللجنة، كونه هو لا يستطيع الانسحاب بسبب الأوضاع الدولية، وبالتالي هو يلجأ للتعطيل وإعاقة العمل حالياً.
تعليقي:
ما هو المأزق الذي يعيشه النظام إذا كان قادراً على التعطيل إلى ما نهاية! المعارضة هي التي تعيش في مأزق حقيقي لأن العملية السياسية التي تشارك فيها أصبحت عقيمة ولم تعد تحقق مصلحة الشعب السوري. العملية السياسية بشكلها الحالي لم تمنع النظام من إجراء الانتخابات الرئاسية، ولم تحم مناطق خفض التصعيد من السقوط تباعاً، ولم تؤد إلى إطلاق سراح المعتقلين، ولم تمنع القصف على ادلب، وأخيراً لم تمنع الهجوم على درعا وتهجير أهلها، وبالتالي ما هو مبرر الاستمرار بها؟
ما الذي يمنع المعارضة من القول: نحن نعلق مشاركتنا في العملية السياسية لأنها لم تحقق مصلحة السوريين ولم تمنع النظام من جرائمه إلى حين إجراء مراجعة شاملة لهذه العملية وإشراك أوسع شريحة من القوى الوطنية في هذه المراجعة.
تعترفون أستاذ هادي في هذه الفقرة بأن النظام يلجأ للتعطيل والاعاقة لأنه لا يستطيع الانسحاب من العملية السياسية، هذا بحد ذاته مبرر للتوقف عن المشاركة في عملية سياسية عقيمة يستطيع النظام تعطيلها وإعاقتها إلى ما لا نهاية.
4- رد الأستاذ هادي: كما تعلم جيداً إن اللجنة لم تجتمع منذ نهاية الشهر الأول منذ هذا العام، وذلك لسبب إصرارنا على عدم الاجتماع دون الاتفاق على منهجية عمل ملزمة ومنتجة، والنظام يتهرب منها حتى اللحظة وهذا يضعه في مأزق مع داعمه الروسي نظراً لالتزامات الآخر مع الولايات المتحدة الأمريكية.
تعليقي:
لماذا وافقتم على المشاركة في الجلسات الخمس السابقة دون وجود منهجية عمل ملزمة ومنتجة؟ هل اكتشفتم بعد عامين الحاجة إلى وجود هذه المنهجية؟ من المسؤول عن إضاعة عامين من وقت السوريين من عذاب وتشرد ودم في جلسات عبثية؟
5- رد الأستاذ هادي: كما تعلم إن الجزء المتحرك الوحيد الذي عليه توافق دولي واقليمي من العملية السياسية هو اللجنة الدستورية، والتي تم التوافق عليها أن تكون المدخل والمفتاح للتفاوض على باقي السلال ومعيار لمدى جدية النظام والروس للوصول إلى حل سياسي. بالتالي الانسحاب يكون ليس إنهاء للجنة الدستورية فقط وانما إنهاء للعملية السياسية في جنيف وللقرار 2254 وهو ما يرغب به النظام.
تعليقي:
أولاً، اللجنة الدستورية ليست جزءاً من القرار 2254 وبالتالي الانسحاب منها لا يعني رفض القرار.
ثانياً، التوافق الدولي والاقليمي جاء بعد موافقة المعارضة والنظام على اللجنة الدستورية وليس قبله، بدليل أنكم تقولون أن الدول ضغطت على النظام للقبول باللجنة، هذا يعني أن اللجنة ما كانت لتتشكل لولا قبول طرفي النزاع وهما النظام والمعارضة التي ضُغط عليها أيضاً للقبول.
ثالثاً، ليس مطلوباً الانسحاب من العملية السياسية وإنما الانسحاب من اللجنة الدستورية والعودة إلى المسار الذي يتماشى مع روح القرارات الدولية ويركز على هيئة الحكم الانتقالي كمدخل للانتقال السياسي وهذا يمكن أن يتم بصيغ متعددة تناسب الوضع السياسي ( التعليق بهدف المراجعة مثلاً) ولن يعجز العقل السياسي السوري عن إيجاد الصيغة المناسبة إذا وجدت القناعة بعقم العملية السياسية بشكلها الحالي وإرادة القيام بمبادرة تؤدي إلى عملية سياسية حقيقية ذات جدوى.
6- رد الأستاذ هادي: والأهم في هذه المرحلة وبناء على ما شرحته أعلاه، إن قمنا باعلان انسحابنا من اللجنة الدستورية أو ربطناه بما يجري في درعا، سيحفز النظام على الاستفزاز واجتياح درعا أو تهجير أهلنا في درعا البلد أي يحصل على هدفين بضربة واحدة، إنهاء اللجنة الدستورية والعملية السياسية وبنفس الوقت السيطرة على درعا البلد أو تهجير أهلها مع السيطرة عليها.
تعليقي:
مرة أخرى لا أحد يطالب بإنهاء العملية السياسية وإنما التوقف عن المشاركة بها بشكلها الحالي وإجراء مراجعة شاملة وإشراك أوسع شريحة من القوى الوطنية في هذه المراجعة من أجل وضع تصور يحظى بأكبر قدر من موافقة القوى الثورية السياسية والشعبية.
أما أن النظام سيجتاح درعا بسبب تعليق المشاركة في اللجنة الدستورية فلا أعتقد أن النظام عندما يقرر اجتياح منطقة سيبحث عن مبررات، ولا أعتقد أن (العملية السياسية) حمت أي منطقة من الاجتياح. برزة وداريا ومضايا وحلب اجتاحها النظام في أثناء مفاوضات جنيف، مناطق خفض التصعيد كلها سقطت بوجود العملية السياسية سواء في أستانة أو جنيف.
الرسالة التي توجهونها للروس أستاذ هادي بإصراركم على عدم ربط الاستمرار بالعملية السياسية بما يحدث في درعا هي الرسالة التالية: افعلوا ما شئتم بدرعا وادلب من قتل وتهجير وستجدوننا دائماً بانتظاركم على طاولة المفاوضات! أنتم تكافئون الروس على إجرامهم العسكري وتشجعونهم على الاستمرار فيه بانتظاركم لهم على طاولة المفاوضات مهما ارتكبوا من فظائع.
7- رد الأستاذ هادي: عزيزي، أتفهم كلامك بشكل كامل، لكن هناك منهجية وأصول في العمل السياسي والعملية التفاوضية، التي تخضع بصورة مستمرة إلى تقييم الخيارات المتاحة والممكنة، فالتفاوض ليس فقط على طاولة المفاوضات، فأحياناً يكون عبر العمليات العسكرية وأحياناً الدبلوماسية أو القانونية، كلها عبارة عن أدوات تفاوضية يكون حصادها سياسياً بالمحصلة، أي عندما تفاوض عن طريق المعارك العسكرية ولو حققت فيها تقدم فإن لم تتمكن من حصاد نتائجها سياسياً تصبح لا قيمة لها. أي ثورة أو معركة إن لم يكن لها مسار لتحقيق مطالب سياسية وقانونية يصبح تعريفها أنها حركة إرهابية.
تعليقي:
أولاً، هذه معلومات سياسية عامة يعرفها المبتدئون في السياسة لكن ليس لها علاقة بمطالبتنا تعليق المشاركة في اللجنة الدستورية وإجراء مراجعة شاملة للمشاركة في العملية السياسية بشكلها الحالي.
ثانياً، أدوات التفاوض في العمل السياسي ليس الجلوس على طاولة المفاوضات فقط، الانسحاب أو التعليق أو التجميد أو التهديد بالانسحاب أو التعليق أو التجميد هذه كلها أدوات تفاوضية لكن يبدو لا وجود لها في جعبة المعارضة السورية.
8- رد الأستاذ هادي: ما تدعو إليه أنت قمنا بنقاشه واتباعه كقوى ثورة ومعارضة خلال السنوات 2015 إلى أوائل العام 2017، حينما تم إيقاف العملية السياسية مطالبين بضرورة تنفيذ البنود الإنسانية أولاً في قرار مجلس الأمن رقم 2254، أي اطلاق سراح المعتقلين ومعرفة مصير المغيبين وفك الحصار وإيصال المعونات ألخ، فماذا كانت النتيجة؟
أهمل المجتمع الدولي المسار السياسي في جنيف، فتح المجال لتفاهمات أتاحت التدخل الروسي المباشر، بدأت المناطق تدخل في مصالحات وتسويات منفردة بسببب الضغط العسكري المستمر واستخدام العنف المفرط ضد المدنيين، حتى الفصائل التي كانت ضمن وفد الهيئة العليا للمفاوضات وتحت ذلك الضغط العسكري الكبير فتحت خطوط تفاوض منفصلة مع الروس وبدأ كل فصيل يفاوض لإيجاد حلول تنقذ المدنيين في مناطقه، ثم حدث حصار حلب وسقوطها، وولد مسار أستانة نتيجة لإهمال المجتمع الدولي للقضية السورية، وإلى تلك الفترة كانت الهيئة العليا للتفاوض ترفض بدء المفاوضات قبل تنفيذ البنود الإنسانية، ولكن نفس الفصائل العسكرية ضمنها اصبحت مضطرة للانخراط في أستانة كون المجتمع الدولي أحال الملفات العسكرية إلى ذلك المسار، وبعد سقوط حلب وولادة مسار أستانة، وخوفاً من استحواذه على الملفات السياسية وأن يكون بديلًا عن مسار جنيف سارعت بعض الدول للمطالبة بإحياء مسار جنيف وهنا الهيئة العليا للتفاوض وافقت على بدء المفاوضات بعد إيقافها لمدة تتجاوز العام والنصف وأصرت على ان تبدأ من بحث تشكيل هيئة الحكم الانتقالي أولاً بينما موقف الامم المتحدة كان يقضي ببحث السلال الأربعة على التوازي، ودون شروط مسبقة، أي لا يحق لطرف فرض تسلسل معين في التفاوض أو استثناء بحث أي موضوع وأيدتها في ذلك باقي الدول بما فيها "الصديقة"، وفي شهر إيلول وأثناء انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة أخطرت الفصائل العسكرية والمؤسسات السياسية بوقف الدعم العسكري كاملًا وأن المعركة باتت سياسية وأنها ستكون شاقة وطويلة، وأن قرار خوضها لنا، وإن خضناها. فهم سيدعمون العملية السياسية دبلوماسياً وقانونياً. وخلال العام 2016 عقدت قمة الايباك في فيتنام بحضور ترامب وبوتين، وأصدروا بيان مشترك بخصوص سوريا وأن الحل النهائي سيكون سياسياً وأن مدخل العملية السياسية والانتقال السياسي سيكون عبر العملية الدستورية أولاً ومن ثم الاتفاق على باقي السلال، وعلى أن التنفيذ يكون لكامل السلال الأربعة وفق تسلسلها.
تعليقي:
أولاً، العملية السياسية لم تحم المناطق من السقوط، لقد تم تهجير برزة وقصف داريا ومضايا وحلب والعملية السياسية قائمة في جنيف على قدم وساق، لذلك ربط سقوط المناطق عسكرياً بتعليق العملية السياسية ربط تعسفي لا دليل عليه.
ثانياً، ليس إيقاف العملية السياسية ما أدى إلى دخول المناطق في مصالحات منفردة مع الروس، أو تشكيل مسار أستانة، وإنما غياب القيادة السياسية والعسكرية المركزية في المعارضة السورية، وهذا أمر لا يتحمل مسؤوليته شخص أو جسم سياسي أو جسم عسكري واحد وإنما نتحمل مسؤوليته جميعاً نحن الذين ثرنا على النظام وفشلنا حتى الآن في ايجاد قيادة سياسية عسكرية واحدة تحظى بالمشروعية الداخلية والخارجية.
لكن الجزء الأكبر من المسؤولية تتحمله المعارضة الرسمية ممثلة بالائتلاف والهيئة العليا للمفاوضات التي لم تعط الأولوية لإيجاد هذه القيادة واستثمرت معظم وقتها وجهدها في الاتصالات الدولية واستجداء الشرعية الخارجية.
ثالثاً، قرار الدول بإيقاف الدعم العسكري وبأن المعركة أصبحت سياسية فقط وبأنهم سيدعمونها (دبلوماسياً وقانونياً) لا يعني أن (اللجنة الدستورية) أصبحت هي الخيار الوحيد المتاح أمام المعارضة، ولا يعني أن القوة العسكرية لم يعد لها دور وقد ذكرتم أستاذ هادي في الفقرة 7 من من ردكم (فالتفاوض ليس فقط على طاولة المفاوضات، فأحياناً يكون عبر العمليات العسكرية وأحياناً الدبلوماسية أو القانونية)
السؤال هنا: ما هي أوراق التفاوض التي تملكها المعارضة وهي لا تملك التأثير على مجلس محلي في الشمال السوري الخاضع لحكومتها ناهيك عن تأثيرها على الفصائل العسكرية؟ هذا السؤال ليس للتعجيز أو المزاودة ولكن من يتحدث عن ( منهجية وأصول في العمل السياسي والعملية التفاوضية) يجب أن يبدأ بتشخيص صحيح للواقع وأدوات القوة والتأثير، وفي حال كان لا يملك هذه الأدوات فعليه أن يعمل على صناعتها فهذا هو مجال العمل السياسي الآن. الاكتفاء بالإصغاء إلى وعود الدول التي لا تهمها إلا مصالحها دون وجود أدوات قوة على طاولة المفاوضات يخالف أبسط مبادئ وأصول العمل السياسي والتفاوضي وسينتقل بنا من هزيمة إلى أخرى عسكرياً وسياسياً.

Share