المنظمات اللامركزية - قوة لا يمكن إيقافها
كيف تعمل ذاكرتنا؟
ظل العلماء لفترة طويلة يعتقدون أن المعلومات المتعلقة بأحداث الماضي تُخزن في أجزاء محددة من الدماغ بحيث يحتوي كل جزء على معلومة، وأن استدعاء الذكريات يتحكم به جزء مركزي من الدماغ يسمى (الحصين) فأنت عندما تريد استدعاء ذكريات متعلقة برحلة قضيتها مع أصدقائك قبل سنوات يقوم الحصين بإرسال تنبيه إلى ذلك الجزء من الدماغ الذي يحتوي المعلومات المتعلقة بتلك الرحلة وينبه العصبونات (الخلايا العصبية) التي تخزن هذه المعلومات فتتذكر تفاصيل الرحلة. ولكي يثبت العلماء هذه النظرية أخذوا يصورون نشاط الدماغ عند بعض الأشخاص وهم يعرضون عليهم صوراً تثير ذكريات محددة لديهم وكانوا يتوقعون أن كل صورة ستفعّل جزءاً من الدماغ مختلفاً عن الجزء الذي تفعلّه الصور الأخرى لكن هذه التجارب أظهرت أن الصورة الواحدة تفعّل عدة أجزاء من الدماغ معاً كما أن عدة صور قد تفعّل الأجزاء ذاتها مما يتناقض مع النظرية التي تقول أن كل جزء يخزن معلومة محددة. ظن العلماء في البداية أن السبب هو ضعف دقة الأجهزة التي تصور نشاط الدماغ لكن النتائج لم تتغير مع أن تقنيات التصوير تطورت وأصبحت أكثر دقة. ظل العلماء في حيرة من أمرهم إلى أن قال لهم عالم الأعصاب جيري ليتفن من معهد ماساتشوسيت للتكنولوجيا أن نتيجة هذه التجارب تثبت خطأ النظرية التقليدية وتدل على أن المعلومات المتعلقة بالذاكرة موزعة بشكل متكرر في أجزاء متعددة من الدماغ أي أن كل جزء يحتوي المعلومات كلها ويستطيع استدعاءها دون الحاجة إلى مركز وهذا يعطي الدماغ قدرته الهائلة ومرونته ويفسر لماذا لا يفقد الناس ذكريات محددة عندما يصابون بآفة في جزء من أدمغتهم إذ أن هذه الذكريات موجودة في أجزاء أخرى. إن الطريقة التي تعمل بها الذاكرة البشرية مثال على المنظومة اللامركزية حيث كل جزء في المنظومة يستطيع أن يقوم بكل وظائفها دون الحاجة إلى مركز ودون الحاجة إلى الأجزاء الأخرى!
لماذا انهارت امبراطورية الأزتك وانتصرت قبيلة الأباتشي؟
في عام 1516 وصل إلى المكسيك المكتشف الإسباني هرناندو كورتس ومعه جيش مجهز بأسلحة حديثة لم يعهدها سكان تلك البلاد. في ذلك الوقت كانت في المكسيك امبراطورية عظيمة تنتمي إلى حضارة (الأزتك) التي تعود إلى مئات السنين. كانت تلك الامبراطورية مثالاً على المنظومات المركزية الهرمية التي تجمع السلطة والقرار في أعلى الهرم. كان لديهم عاصمة تدار منها البلاد وجيش وملك يتبع الجميع أوامره وكانت تلك الامبراطورية معروفة بامتلاكها لكميات هائلة من الذهب ولهذا السبب توجه الاسباني هرناندو إليها حيث وضع ملك الأزتك (مونتيزوما) أمام خيارين: إما تسليم الذهب أو القتل، وبما أن الملك وجد نفسه في مواجهة قوة عاتية تملك أسلحة حديثة لا قبل له بها سلم الذهب إلى الإسبان الذي لم يفوا بوعدهم فقتلوه وبموته سقطت العاصمة وتفكك الجيش وانهارت امبراطورية الأزتك التي عاشت مئات السنين.
تكرر الأمر ذاته مع امبراطورية عريقة أخرى تنتمي إلى حضارة (الإنكا) وصل إليها الإسبان وقتلوا الملك فسقطت العاصمة وتفكك الجيش وانهارت الامبراطورية. استمر الإسبان في التوسع في المكسيك حتى وصلوا 1680إلى الشمال حيث تقطن قبيلة (الأباتشي). بدأ الأباتشي بمقاومة المحتل الإسباني حتى طردوه من أرضهم واستمروا بالمقاومة حتى نالت المكسيك استقلالها في القرن الثامن عشر.
كيف استطاعت قبيلة بدائية بإمكانيات بسيطة أن تواجه الجيش الإسباني الجرار المجهز بأحدث الأسلحة وأن تحقق ما عجزت عنه امبراطوريتان عريقتان قويتان كالأزتك والإنكا؟ السبب هو أن الأباتشي كانت منظومة اجتماعية لا مركزية بخلاف الامبراطوريتين السابقتين. لم يكن عند الأباتشي ملك ولا جيش ولا عاصمة بل كانوا يعيشون في مجموعات على شكل قرى أو بدو رحل وكل مجموعة كان يرأسها رجل يسمى (نانتان) وهو لقب يطلق على الشخص الذي يحظى بالثقة والاحترام من بقية أفراد المجموعة فيطيعونه لثقتهم به. تحولت مجموعات الأباتشي إلى مجموعات مقاتلة تهاجم الحاميات الإسبانية حيثما وجدت بشكل ذاتي وتلقائي من دون العودة إلى مركز . لم تكن السلطة مركزة في رأس هرم فينهار الهرم بقطع الرأس كما حدث عند مقتل ملكي الأزتك والإنكا. أكثر ما كان يستطيع الإسبان فعله هو قتل (النانتان) لكن المجموعة كانت تختار نانتان آخر بمجرد مقتله ويظل هناك مئات النانتان الذين يقودون المجموعات الأخرى. لم يكن القرار محصوراً برأس هرم فكل مجموعة مخولة باتخاذ القرار وتنفيذه بدون الحاجة إلى مركز تأخذ منه الموافقة بل أحياناً كانت مجموعة تأخذ قرار مهاجمة حامية إسبانية ومجموعة ثانية تخطط للهجوم ومجوعة ثالثة تنفذه. إن الأباتشي مثال واضح على المنظومة اللامركزية حيث السلطة موزعة بين أجزاء المنظومة وكل جزء مخول باتخاذ القرار وتنفيذه ما دام ذلك يصب في هدف المنظومة وهو طرد المحتل الإسباني في هذه الحالة.
من يرأس الإنترنت؟
ربما يكون سؤالاً سخيفاً وجوابه واضح. لكن أليس غريباً أن تكون منظومة بهذه القوة والتأثير من دون رئيس! يستطيع أي إنسان أن يكون له موقع على الانترنت دون أخذ الإذن من جهة واحدة ويومياً تضاف إلى الشبكة وتخرج منها مئات المواقع بدون مركز يتحكم في الإضافة والخروج. إن الإنترنت مثال آخر على المنظومات اللامركزية التي تتوسع وتتطور دون وجود مركز.
كحوليون مجهولون
في عام 1930 أخبر الطبيب بل ويلسن أنه لن يعيش أكثر من شهور إذا لم يترك شرب الخمر. كان ويلسون مدمناً على الكحول وجرب ترك الإدمان عدة مرات واستعان بأطباء ومعالجين نفسيين لكنه لم ينجح. خطرت ببال ويلسون فكرة لم يجربها من قبل وهي أن يستعين بمدمنين سابقين نجحوا في التخلص من الإدمان ليستفيد من تجربتهم ويستمد منهم التشجيع والإلهام. تواصل ويلسن مع بعض المدمنين السابقين وعقد منهم عدة جلسات انتهت بتخلصه من الإدمان نهائياً. هنا فكر ويلسون بتأسيس منظمة تجمع المدمنين السابقين الذين يرغبون بمساعدة غيرهم مع مدمنين يحتاجون إلى المساعدة ويرغبون في التخلص من الإدمان وهكذا ولدت منظمة (كحوليون مجهولون). كان ويلسون أمام خيارين أما أن يبني المنظمة بالطريقةالهرمية المركزية التقليدية حيث يوجد مجلس إدارة ومدير وأقسام للتمويل والتسويق والتدريب وما إلى ذلك، أو أن يجعلها منظمة لا مركزية مكونة من مجموعات تتشكل وتتوسع بشكل تلقائي حيث كل مجموعة تمول نفسها ذاتياً وتستطيع الوصول إلى المعلومات اللازمة لممارسة نشاطاتها وتملك صلاحية اتخاذ القرارات المناسبة للقيام بمهامها. تعتبر منظمة (كحوليون مجهولون) اليوم من أكبر المنظمات التي تساعد المدمنين وأكثرها انتشاراً في العالم، ويستطيع أي شخص في أي مكان في العالم أن يشكل مجموعة من مجموعات (كحوليون مجهولون)، ما عليه إلا الحصول على المعلومات اللازمة لذلك من موقع المنظمة على النت حيث توجد (الخطوات الاثنتا عشر) وهي الخطوات التي يعتمدها أفراد المنظمة للتخلص من الإدمان و(التقاليد الاثنتا عشر) وهي الأعراف التي تنظم علاقة أفراد المجموعة مع بعضهم البعض وعلاقتهم بالمجتمع إضاقة إلى منشورات ومعلومات لها علاقة بالدعم النفسي والإجتماعي للمدمنين. إن منظمة (كحوليون مجهولون) مثال آخر على المنظومات اللامركزية.
الويكيبيديا
هذا آخر مثال سنورده عن المنظومات اللامركزية قبل أن نتحدث عن خصائص هذه المنظومات والأسس التي تقوم عليها.
في عام 2000 فكر جيمي ويلس في تأسيس موقع على النت يغني الناس الذين يريدون الحصول على معلومة معينة عن الذهاب إلى المكتبة والبحث في الكتب. لكن ويلس لم يرد أن يؤسس الموقع بالطريقة التقليدية أي أن تقوم جهة محددة بتنزيل المعلومات لقد أراد أن يجعلها منظومة مفتوحة بحيث أي إنسان في العالم يستطيع أن ينزل معلومات عن أي موضوع يريده ويستطيع الآخرون الإضافة والحذف والتعديل في هذه المعلومات. في البداية شكك كثيرون في نجاح الفكرة وقالوا لويلس إن كثيراً من الناس سيستغلون الموقع لتنزيل معلومات خاطئة لأغراض معينة وستكون هناك الكثير من الإساءات وسوء الاستخدام لهذا الموقع. كان جواب ويلس على الدوام : إن الطبيعة البشرية تغلب عليها النوايا الحسنة وأكثر الناس يرغبون في تقديم مساهمة إيجابية وتنزيل معلومات دقيقة وبناء موسوعة يستفيد منها الجميع. وهذا ما حدث فعلاً. ويكيبيديا اليوم من أكبر الموسوعات الموجودة على النت وأكثرها دقة وإذا نزل البعض معلومات خاطئة أو فيها تجاوزات معينة يقوم مستفيدون آخرون بحذف هذه المعلومات وتنظيف الموقع باستمرار. إن الويكيبيديا منظومة لا مركزية بامتياز.
نجمة البحر والعنكبوت: خصائص المنظمات اللامركزية
- لا يوجد شخص مسؤول عن المنظمة. المنظمة المركزية تعتمد على رئيس يتوقف عمل المنظمة على وجوده. هي تشبه العنكبوت الذي إذا ضربته على رأسه يتوقف عن الحركة. أما المنظمة اللامركزية فهي مكونة من أجزاء تعمل بشكل ذاتي مثل نجمة البحر التي لا يوجد لها رأس أو جهاز عصبي مركزي.
- لا يوجد أقسام تتوزع الأدوار. في المنظمة المركزية هناك أقسام متخصصة بوظائف معينة؛ كالتخطيط والتسويق والتمويل والعلاقات العامة وما إلى ذلك. فإذا تعطل قسم اضطرب عمل المنظمة أو توقف نهائياً كما يحدث عندما تقطع رجل أو أكثر من أرجل العنكبوت فتضطرب حركته أو تتوقف. أما المنظومات اللامركزية فكل جزء منها يقوم بكل الوظائف ولا يحتاج إلى الأجزاء الأخرى مثل مجموعات الأباتشي ومجموعات الدعم النفسي والاجتماعي في منظمة (كحوليون مجهولون)، هي مثل نجمة البحر إذا قطعت أحد أرجلها ينمو مكانها رجل جديدة بل إذا قسمتها نصفين فإن كل نصف ينمو إلى نجمة بحر كاملة ويصبح لدينا نجمتين!
- المعرفة والسلطة موزعة بين أجزاء المنظمة. وكل جزء يستطيع الوصول إلى المعلومات اللازمة لاتخاذ القرار وهو مخول باتخاذ القرار وتنفيذه دون العودة إلى مركز.
- المنظمة مرنة في مواجهة التحديات. لأن كل جزء منها يستطيع تقييم احتياجاته واتخاذ القرار اللازم بدون إذن من أحد.
- أجزاء المنظمة تمول نفسها ذاتياً.
- أجزاء المنظمة تتواصل فيما بينها دون الحاجة إلى وسيط
المنظمة الهجينة ونقطة التوازن
ليس الهدف من هذا العرض القول إن المنظمة اللامركزية أفضل من المركزية فهناك سياقات معينة لا يصلح فيها إلا المنظمة المركزية (جهاز أمني مثلاً)، لكن المركزية في سياقات أخرى تصبح معيقاً. إن الهدف من هذا العرض التعرف على خصائص المنظمات اللامركزية وآليات عملها لنطبق من هذه الآليات ما نستطيع تطبيقه في منظماتنا ولو كانت من النوع المركزي. المنظمة الهجينة هي التي توازن بين المركزية واللامركزية في إجراءاتها ونقطة التوازن هنا هي تلك النقطة التي إذا انزاحت تجاه المركزية تفقد المنظمة فرصة النمو والتطور والاستفادة من الموارد الذي تتيحه اللامركزية وإذا انزاحت تجاه اللامركزية تقع المنظمة في الفوضى ويشعر أفرادها بعدم معرفة ما هو مطلوب منهم وتتحرك أجزاؤها في اتجاهات متعددة تفقدها الوجهة ووحدة الهدف.
الأسس الخمسة التي تقوم عليها المنظمات اللامركزية
- المجموعات الملتزمة بأعراف المنظمة. المجموعة هي الوحدة الأساسية التي تتكون منها المنظمة اللامركزية. الأباتشي كانوا على شكل مجموعات يقودها النانتان وكذلك (كحوليون مجهولون) هم على شكل مجموعات تقدم الدعم النفسي والاجتماعي للمدمنين. يلتزم أعضاء المجموعة بأعراف معينة تحدد العلاقة فيما بينهم، هي ليست قواعد ملزِمة بالإكراه وإنما أعراف يلتزم بها الأفراد طوعاً ويشعرون بالفخر والشرف عندما يتقيدون بها.
- محفز المنظمة. هو الشخص الذي يطلق الفكرة ويجمع الناس حولها ويشجعهم على التفاعل فيما بينهم حتى تقف المنظمة على قدميها.
- الإيديولوجيا. بما أن الانضمام إلى المنظمات اللامركزية طوعي والالتزام بنشاطاتها يكون بدافع ذاتي فلا بد من وجود إيديولوجيا أو قضية يؤمن بها أفراد المنظمة ويكونون مستعدين للتضحية بوقتهم وجهدهم وربما حياتهم في سبيلها. القضية عند الأباتشي كانت طرد الإسباني وعند (كحوليون مجهولون) مساعدة المدمنين وعند من يطورون الويكيبيديا الرغبة في نشر المعرفة.
- الاستفادة من الشبكات الموجودة مسبقاً. بما إن المنظمات اللامركزية تعتمد على التشبيك فهي تستفيد من شبكات موجودة مسبقاً كشبكات القرابة والصداقة والجيرة وزملاء العمل ومن أهم الشبكات التي تعتمد عليها المنظمات اللامركزية اليوم شبكة االانترنت.
- محفز المجموعة. وهو يقوم بذات الدور الذي يقوم به محفز المنظمة ولكن على مستوى المجموعة التي تشكل الوحدة الأساسية للمنظمات اللامركزية.
لا يمكن القضاء على المنظمات اللامركزية بمهاجمة المجموعات لأنها تتكاثر تلقائياً ولا بالقضاء على المحفز لأن المنظمة لا تعتمد عليه ولا بإزالة الشبكات الموجودة مسبقاً لأن ذلك مستحيل. السبيل الوحيد للقضاء على منظومة لا مركزية هو محاربة الإيديولوجيا التي تحرك أفرداها. يكفي أن يفقد أفراد المنظمة الإيمان بالقضية التي يعملون من أجلها حتى تنهار. لذلك أمضى الأسلحة في محاربة هذا النوع من المنظمات هي الأسلحة الفكرية والنفسية والإعلامية وهذا ما يجب أن تتحوط له هذه المنظمات وتعد له أسلحتها الدفاعية الفكرية والنفسية والإعلامية. السلاح الأقوى هنا هو استمرار المنظمة وتغلبها على التحديات وإنجازاتها.
صفات المحفز
- اهتمام حقيقي بالآخرين. بما إن الانضمام إلى المنظمات اللامركزية طوعي فالعامل العاطفي هنا يلعب دوراً كبيراً. المحفز يشجع الناس على الانضمام للمنظمة من خلال توفير بيئة من الإصغاء والتفهم يشعرون فيها بالاهتمام والتقدير.
- توسيع شبكة العلاقات. مهمة المحفز التشبيك بين أشخاص يملكون مهارات مختلفة ليكملوا بعضهم البعض. وهذا يحتاج إلى توسيع شبكة العلاقات باستمرار للوصول إلى هؤلاء الأشخاص.
- الشغف. يبذل المحفز جهوداً كبيرة دون ثمرات سريعة خصوصاً في البدايات لذلك يجب أن يكون مؤمناً بالقضية التي يعمل من أجلها متحمساً لها. وبما إن المشاعر معدية ينتقل الحماس إلى مجموعات المنظمة في دوائر متتابعة.
- القدرة على منح الثقة. تعتمد المنظمات اللامركزية على تمكين المجموعات لتتحرك بشكل ذاتي دون العودة إلى مركز. يحتاج ذلك إلى منح الثقة لهذه المجموعات. إن الذين يقدّمون سوء النية ويفترضون الأسوأ في الآخرين لا يمكن أن يكونوا محفزين ناجحين.
- تحمل الغموض. المنظمات المركزية لها بنى واضحة واستراتيجيات محددة ويوجد فيها تقارير دورية وأرقام وقدرة على الضبط والتوقع. أما المنظمات اللامركزية فتتميز بالسيولة في عملها وصعوبة توقع مدى انتشارها وحتى معرفة عدد أفرادها أحياناً. إن الأشخاص الذين لا يرتاحون إلا في بيئة منظمة منضبطة ويصعب عليهم التعايش مع الغموض لا يمكن أن يلعبوا دور المحفز في منظمة لا مركزية.
- الابتعاد عن طريق الآخرين بعد تعبيده. أهم علامة من علامات نجاح المحفز هو قدرة المنظمة على الاستمرار من دونه. هو يطلق الفكرة ويبني الشبكة ويمنح الثقة وينقل الشغف ثم يتنحى جانباً لتستمر المنظمة وتتطور وتتوسع بقواها الذاتية.
عالم جديد
وأخيراً، نحن نعيش في عالم جديد سيكون مليئاً بنجمات البحر ولن تستطيع العناكب الصمود فيه طويلاً. عالم اليوم مختلف تماماً عما كان عليه قبل عشرين عاماً فثورة الاتصالات أحدثت تغييراً جذرياً في المجتمعات البشرية مثل التغيير الذي أحدثه اكتشاف الطباعة أو اكتشاف النار منذ آلاف السنين. إن المعلومات والأموال تتدفق اليوم في كل الاتجاهات وتتجاوز حدود الدول وتنتقل في ثوانٍ من أقصى العالم إلى أقصاه. المستقبل سيكون للمنظمات اللامركزية التي تفهم هذا التغيير وتعرف كيف تستثمره.
المقالة مستمدة من كتاب:
Leaderless Organizations The Starfish and the Spider: The Unstoppable Power of