cover

خواطر 2023-5

عرب ونفتخر سكن آباؤنا الخيام وركبوا الجمال وكانوا أهل نخوة ومروءة ونجدة وكرم فينا بُعث نبي الهدى وجدودنا حملوا خاتمة الرسالات السماوية إلى أهل الأرض


يخلط البعض بين تقليل الأعداء الذي هو مبدأ مهم في السياسة والسكوت على الباطل الذي يضعف المصداقية


يقول مزاود: تنتقدون وقد فشلتم في إنتاج البديل؟

نعم عدم نجاحنا حتى الان في انتاج بديل عن المعارضة التي ننتقدها هو نقيصة بحقنا لكنها لا تبرر ارتكاب نقيصة أكبر وإثم أعظم وهو السكوت على خطايا هذه المعارضة وانتهاكاتها!


من دراستي لشخصيات المعارضة المكروهة من قبل عامة أهل الثورة ومتابعة تصريحاتهم وحضور بعض لقاءاتهم الافتراضية والاطلاع على ما يبوحون به في مجالسهم الخاصة أقول لكم لماذا يتمسكون بمناصبهم ومواقفهم رغم السخط الشعبي الهائل على هذه المواقف ..

لأنهم يعتقدون أن الساخطين عليهم مجرد عوام لا يعرفون مصلحتهم، وأنهم يمسكون بالحقيقة المطلقة التي لا يعارضها إلا جاهل، وأنهم بتمسكهم بمناصبهم ومواقفهم وأدائهم دون أي تغيير إنما يقدمون تضحية عظيمة ويتحملون أذى الناس من أجل الناس كالأنبياء تماماً، يكاد واحدهم أن يتلمس خاتم النبوة بين كتفيه!


قضية لها عدة أبعاد، يختزلها أحدهم ببعد واحد فيرد عليه آخر: هذا تفكير سطحي ويكتفي بذلك!

الاكتفاء بوصف تفكير ما بأنه سطحي ليس حجة منطقية ولا يشكل أي إضافة معرفية، إن كنت تعرف أبعاداً (أعمق) لقضية ما لماذا لا تفيد الآخرين وتذكرها؟ وإن كنت لا تعرف هذه الأبعاد كيف حكمت بالسطحية على من يتناول القضية؟!


الثورات كالحروب ما من إنسان طبيعي يحبها أو يسعى إليها لكنها تُفرض على الناس فرضاً عندما يُعتدى على حقوقهم من قبل مستبد داخلي في حالة الثورة أو محتلٍّ خارجي في حالة الحرب (كُتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم)

السعي نحو السلام مطلب كل إنسان طبيعي، لكن السلام لا يتحقق مع الظلم والعدوان، والقابلية للظلم والعدوان جزء من الطبيعة البشرية لولاها لما كان هناك صراع بين الحق والباطل ولما كانت الحياة مسرح اختبار وامتحان يُظهر موقع الناس من هذا الصراع، وطالما هناك حياة على هذا الكوكب فالصراع بين الحق والباطل مستمر بأشكاله المختلفة العنفية وغير العنفية (قالوا أتجعل من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون)، وليس واقعياً السعي نحو عالم لا وجود فيه للصراع تُحل كل مشاكله بالحوار والتفاوض، لأن الناس لا تحركهم القناعات فقط وإنما الأهواء والشهوات وفي مقدمتها شهوة الظلم والعلو في الأرض (وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلماً وعلواً) وهذه الشهوة لا تُردع بالإقناع وإنما بالقوة!

هل يعني هذا تمجيد الحرب والعنف؟! أبداً .. على البشرية أن تسعى إلى وضع يقل فيه احتمال الحروب والثورات واستخدام العنف إلى الحد الأدنى ولن يتحقق ذلك ما لم تكن القوة التي تفرض السلام في الأرض عادلة ورحيمة وإلى أن يأتي ذلك اليوم على المظلومين أن يخوضوا كثيراً من الحروب والثورات وأن يدفعوا عن أنفسهم الظلم والعدوان بكل أدوات القوة الخشنة والناعمة


ليعلم المستبدون فوق هذه الأرض أن عشق الحرية التي خبرها السوريون منذ آذار 2011 ودفعوا ثمنها أنهاراً من دم أصبح أرسخ من أن يمحوه مستبد عتيقاً كان أم حديث عهد باستبداد

وأن هذا العشق كالنابض كلما حُرم السوريون من حريتهم أكثر انضغط أكثر واختزن طاقة أكبر حتى إذا جاءت اللحظة التاريخية المناسبة انفلت جارفاً في طريقه كل متكبر جبار


(بدك مين يفهم) معناها: أنا الوحيد الذي فهمت فكرتك وبقية البشر أغبياء

(لقد أسمعت لو ناديت حياً) معناها: كلامك لا فائدة منه لأن كل البشر أموات

يا صديقي كما فهمت الفكرة سيفهمك غيرك وكما وصلت إليك لأنك حي هناك أحياء غيرك أيضاً

هذا النوع من التعليقات ينشر اليأس والإحباط يميناً ويساراً دون قصد في كثير من الأحيان


·      (أعظم الجهاد عند الله كلمة حق عند سلطان جائر) حديث شريف

(الكلمة) هي كل ما يُعبر عنه بالكلمات وبلغة عصرنا هي الإعلام والخطاب السياسي والخطة الدبلوماسية وحملة العلاقات العامة ومشاريع المناصرة والمرافعات القانونية والعمل الحقوقي والسردية النضالية والرؤية السياسة وكل أنواع النشاطات السياسية والدبلوماسية والإعلامية والحقوقية

قوة السلاح لوحدها لا تكفي إن لم تدعمها قوة الكلمة - بالمعنى الواسع الذي أشرت إليه - بل قد ترتد سلباً على حامل السلاح ولمصلحة عدوه

رحم الله شهداء الكلمة في فلسطين وفي كل بلد عربي يقول الشعب فيه (كلمة الحق) في وجه جلاديه.


من يطرح اليوم فكرة توحيد الصف بين السنة والشيعة لمواجهة اسرائيل أقول له:

  1. نحن سنة سورية لا توجد عندنا مشكلة مع الشيعة لأنهم شيعة، فأنا مثلاً من حي الشاغور السني الذي يجاور حي الأمين الشيعي في دمشق حيث يعيش السنة والشيعة متجاورين متساكنين في هذين الحيين من دون أي مشاكل ومنذ مئات السنين
  2. مشكلتنا ليست مع الشيعة وإنما مع مشروع إيران الطائفي الفارسي في المنطقة والذي حول كثيراً من الشيعة إلى أعداء لمواطنيهم لاعباً على وتر الاختلافات الطائفية ونافخاً في كير أحقاد تاريخية لا تزيد المنطقة إلا حروباً واشتعالاً

3)  ولأنني لست من السذاجة لأعتقد أن تنفيذ الطلبات السابقة ممكن من قبل القيادات الحالية في إيران أو حزب الله، فإن علينا أن ننتظر حتى يدور الزمن دورته وينتزع الشعب الإيراني حريته من نظام الملالي ويتخلص شيعة لبنان من ارتهانهم لحزب الله ويفرز الشيعة في إيران والمنطقة قيادات عاقلة معتدلة تتصالح مع جوارها السني، عندها تصبح البيئة مناسبة للحديث عن (توحيد الصف) الذي يطرحه بعضهم اليوم

4)  وأخيراً الدعوة إلى سحب الميليشيات الشيعية الطائفية من سورية أولى من الدعوة إلى (توحيد الصف) في وجه اسرائيل فمن الاستحمار أن يُطلب منك أن تنتظر ممن لا يزال يغمد سكينه في قلبك أن يدافع عنك بهذه السكين!


حدثُ شهدته قبل أربعة وأربعين عاماً وقر في نفسي بعده الربط بين حرية الشعوب العربية وحرية الأقصى

كنت في الثانية عشرة من عمري عندما وقفت سيارة مخابرات من نوع بيجو 504 تحت إحدى الأشجار في خورشيد أولى الحي الذي كنت أقطن فيه في دمشق، أذكر تماماً في ذلك الوقت كيف أصيب سكان الحي بالرعب والخوف الشديدين

قلت يومها في نفسي: شعب يخاف من سيارة مخابرات كيف سيحرر فلسطين؟!

علمتني الأعوام اللاحقة أن الشعوب التي تعجز عن تحرير إرادتها من قبضة المستبد هي أعجز عن تحرير الأقصى من قبضة اليهود


أمر أبوح به لأول مرة وهو أنني تعرضت للضرب في أثناء اعتقالي في أمن الدولة عام 2007 مرة واحدة فقط وكان السبب المباشر هو الجولان المحتل

عندما قلت للمحقق وأنا مكبل اليدين ومعصوب العينين أن الشعب السوري لن يستطيع تحرير الجولان وهو مكبل و(مطمّش) مثلي ففقد أعصابه وانهال علي صفعاً ولكماً حتى سقطت على الأرض


أحياناً تشعر أن الله يضع في طريقك أشخاصاً فقط ليعلمك كيف لا تكون على شاكلتهم


(الحدس) لا يأتي من فراغ

كل مدارس التفكير الحديثة تجعل المشاعر أحد العوامل التي يجب أخذها بعين الاعتبار عند اتخاذ أي قرار، على عكس ما هو شائع بين الناس عن تحييد المشاعر عند اتخاذ القرارت

مشاعرنا تجاه أي أمر أو أي شخص أو ما يسمى بالـ (الحدس) لا تأتي من فراغ وإنما هي نتيجة تراكم عدد كبير من المعلومات في العقل الباطن تتجلى على شكل شعور

 مثلاً عندما لا ترتاح لشخص ما بدون وجود سبب ظاهر لعدم الارتياح فهذا الشعور نتيجة لورود رسائل دقيقة لحواسك من تصرفات هذا الشخص ولغة جسده تذكرك بأشخاص آخرين كانت لك معهم تجربة سلبية وهذه الرسائل تكون من الدقة بحيث لا يدركها عقلك الواعي لذلك لا تعرف سبباً منطقياً لعدم الارتياح

هل يعني ذلك أن المشاعر تدلنا بشكل صحيح في كل الأحيان؟ ليس بالضرورة فالتشابه في الشكل لا يعني دائماً التشابه في المضمون، لكن الشعور السلبي تجاه قرار أو شخص بدون مبررات ظاهرة يقتضي من الإنسان الحذر والتمهل ومزيداً من البحث حتى يتأكد من سلامة قراره

في النهاية يعتمد وزن (الحدس) في اتخاذ القرار على تجربة الإنسان مع حدسه، فكلما أثبتت تجربته أن حدسه كان صادقاً في مرات سابقة يزداد عنده وزن الحدس كعامل مرجح في اتخاذ القرار


من أكثر طرق التدريب التي أثرت فيّ طريقة استخدمها مدرب من جنوب أفريقيا لشرح مفهوم التكاتف في عمل الفريق وكيفية بنائه في دورة حضرتها في دبي عام 2005 على ما أذكر

أحضر المدرب مجموعة سوائل وسكب قليلاً منها في قعر إناء كبير وأخذ يحركها ويمزج بينها بهدوء، في أثناء مزج السوائل كان يشرح لنا كيف يحتاج بناء التكاتف إلى كثير من الإنصات والتشجيع والصبر والوقت والجهد والإصرار وفي أثناء كلامه كانت السوائل تتفاعل فيما بينها وتتحول تدريجياً إلى مادة بيضاء أخذت تتمدد ببطء حتى ملأت الإناء كله ثم فاضت عنه ثم تصلبت بعد ذلك لتصبح الكمية القليلة من السوائل كتلة كبيرة صلبة يفوق حجمها حجم السوائل التي تشكلت منها بعشرات المرات إضافة إلى أن التفاعل أصدر حرارة شعر بوهجها الجميع

رسخ في نفسي منذ ذلك الوقت أن بناء التكاتف يحتاج إلى كثير من الوقت والجهد والصبر والإصرار لكنه عندما يتحقق فإن نتائجه تشبه السحر حيث لا يعود أداء الفريق مجموعاً جبرياً لأداء أعضائه بل يفوق ذلك بكثير بناء التكاتف من أكبر تحديات القيادة بل هو جوهر القيادة برأيي وأجمل ما فيها على الإطلاق


ثلة من المعارضة (العقلانية) تنادي بالقبول بالنظام كأمر واقع والسعي إلى تسوية ما بوجوده ويقولون لنا: كفى تنظيراً وكفى لغة خشبية وكفى أحلاماً ثورية، الناس في الشمال تعبت وتريد حلاً

أقول لهؤلاء -ومعظمهم لم تطأ قدمه الشمال السوري وإن وطأته ففي زيارات استعراضية خاطفة-:

أولاً، لا تتحدثوا باسم الناس في الشمال السوري إلا إذا خولوكم بذلك، تفضلوا إلى الشمال وأقيموا بين الناس-لأيام وأسابيع وليس لساعات- واعرضوا عليهم أفكاركم حتى تعرفوا موقفهم الحقيقي من التسوية مع النظام وممن يدعو إليها

ثانياً، ما الذي يمنعكم من تجاوز (اللغة الخشبية) والقبول بالنظام كأمر واقع وإجراء تسوية معه؟ اقبلوا به وسوّوا معه وعودوا للناس بألف معتقل (أقل من 1% من المعتقلين والمغيبين قسراً عند النظام) حتى يصدقوا أن لغتنا الخشبية هي التي تعيق الحل السياسي!


كثيرون حول التذمر العام، قليلون حول توصيف المشاكل بدقة

قليلون حول توصيف المشاكل، الأقل منهم حول البحث عن حلول

قليلون حول الكلام عن الحلول، الأقل منهم حول تطبيق الحلول

قليلون من يبدأون بتطبيق الحلول، الأقل منهم من يستمرون بتطبيقها ولو تعرضوا للعقبات ويراجعون افتراضاتهم التي أدت إلى هذه العقبات ثم يعدلونها ثم يجترحون حلولاً جديدة ثم يعيدون الكرة عند كل عقبة

لكن.. هؤلاء القليل من القليل من القليل من القليل هم الذين يحركون عجلة التاريخ ويصنعون التغيير


أن يغير المرء فكرته إذا اكتشف خطأها أو وجد فكرة أفضل منها هذا لا يحط من شأنه ولا يقلل قيمته بل يرفع مصداقيته عند الآخرين ويدل على ثقته بنفسه


يريدوننا في هذه المنطقة أن نختار العيش تحت إحدى حذائين: حذاء اسرائيل والمطبعين معها، أو حذاء إيران والمشايعين لها، ونأبى إلا أن نعيش أحراراً كما أراد الله لنا ، حاشا له أن يكون قد خلقنا لنختار إحدى هاتين العبوديتين وحاشا له أن يخذلنا وقد عزمنا أن نكون عبيداً له وحده


كما أن هناك جاميون شرعيون يرون أن طاعة ولي الأمر واجبة وإن قتل وسجن أصحاب الكلمة الحرة، هناك جاميون ليبراليون لا يقلون عنهم تسبيحاً بحمد ولي الأمر وتشبيحاً له، هذه المرة من باب عقلانيته وحداثيته وانفتاحه، كلاهما يرى الثورات سبب المصائب لا الاستبداد الذي أدى إلى الثورات ويرى أن الأمن والاستقرار لا يتحققان إلا بكم الأفواه ودوس الكرامات لأن الشعوب العربية من وجهة نظرهما خُلقت قطعاناً لا تساق إلا بالعصا!